المؤسسات المالية العربية والحاضنة الخليجية
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
منذ فترة وأنا أفكر في الكتابة عن المؤسسات المالية العربية حيث أمضيت أكثر من 3 عقود على علاقة بالعمل العربي المشترك من خلال الشركة العربية للاستثمار التي واكبت تأسيسها عام 1974 ومقرها الرئيس مدينة الرياض .. وجاء مقال الصديق العزيز فهد راشد الإبراهيم المنشور في جريدة النهار الكويتية منذ أسبوعين ليعجل بكتابة مقالي وفهد الإبراهيم له خبرة كبيرة في مجال العمل العربي المشترك وقد عرفته عن قرب حينما كان يمثل دولة الكويت في مجلس إدارة الشركة العربية للاستثمار نائبا لرئيس مجلس إدارة الشركة ..
يقول فهد الإبراهيم في مقاله الذي حمل عنوان “نظرة موجزة على أداء المؤسسات المالية العربية .. نجحت المؤسسات المالية العربية في تنويع وتطوير خدماتها ومنتجاتها التمويلية والتأمينية والاستشارية وآليات تقديمها .. ويؤكد أن التقارير قد أشارت إلى أن أداءها على الصعيد المالي جاء في مجمله جيدا الأمر الذي ساعد على استمرار الانفاق على أنشطتها الرئيسة من عوائد عملياتها التشغيلية إضافة إلى استثمار فوائضها المالية بدليل أنها تمكنت من تكوين احتياطيات تزيد على 7 مليارات دولار منذ تأسيسها وحتى نهاية 2023 وبناء على هذا التحليل العميق أقول بأن الفضل في تحقيق هذا المركز المالي القوي للمؤسسات العربية المالية يعود للحاضنة الخليجية التي كانت صاحبة المبادرة في إنشاء هذه المنظومة ودعمها ماديا ومعنويا ..
وأذكر أن محمد أبالخيل وزير المالية السعودي وعبدالرحمن العتيقي وزير المالية الكويتي في بداية السبعينيات الميلادية قد عقدا عشرات الاجتماعات مع عدد من وزراء المالية العرب وأدت هذه الاجتماعات إلى بدء إنشاء المؤسسات المالية العربية وتوزيع مواقعها في الدول العربية ويلاحظ أن المؤسسات الواقعة في دول الخليج وبالذات السعودية والكويت قد حققت نجاحا أكبر واستمرت حتى الآن لتوفر البيئة السليمة للعمل المشترك واختيار الإدارات الجيدة لها .. ما مكنها من دعم مشاريع التنمية وتحقيق الأهداف المرسومة لها .. ونتيجة لاختيار القيادات المخلصة استطاعت بعض الشركات التي واجهت صعوبات كبيرة من تخطي تلك الصعوبات والاستمرار في تحقيق أهدافها ومنها الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية التي نقلت مقرها إلى مدينة الرياض ونفذت مشاريع ناجحة في مجال الثروة الحيوانية والزراعة في عدد من الدول العربية رغم الظروف الصعبة التي واجهتها وتغلبت عليها ..
ومن الجوانب التي يجب الإشارة إليها أن الشركات والمؤسسات العربية المشتركة التي فكرت خارج الصندوق كما يقال هي التي استطاعت تعظيم عوائدها بشكل ملحوظ وبالتالي نفذت مشاريع إنمائية أكثر من غيرها واستطاعت الاستمرار أما التي ظلت في النطاق المحدود فقد ضعفت وربما اختفت .. وأضرب مثالا على التفكير خارج الصندوق بفكرة إنشاء الوحدة المصرفية الخارجية للشركة العربية للاستثمار في مملكة البحرين التي كانت فكرة سابقة لعصرها وحققت نجاحا وأرباحا قياسية ما مكن الشركة من زيادة إسهامها في دعم المشاريع الإنمائية مع توزيع بعض الأرباح على الدول المساهمة.
وأخيرا: بعد هذه التجربة الثرية والغنية للشركات والمؤسسات العربية المشتركة وتعرض بعضها الآن لنوع من التوقف لعل من المناسب إجراء دراسة معمقة لأسباب نجاح بعضها وتعثر البعض الآخر .. ودمج بعض الشركات مع بعضها لخلق كيانات قوية وإدخال نشاطات جديدة تساعد على زيادة دخلها .. ويمكن أن يكون خيار طرح بعض الشركات للاستثمار مع القطاع الخاص أحد الحلول المناسبة في عصر الانفتاح والاستثمار الذي يعم المنطقة وبالذات دول الخليج العربي.
نقلًا عن «الاقتصادية»