يا بعد ” تشبدي “
قبل ثلاثة أسابيع قرأت تغريدة للدكتور منصور بن أحمد توفيق ، وهو استشاري جراحة الأطفال وزراعة الأعضاء بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام . كانت التغريدة عن نجاح الفريق الطبي في المستشفى بإجراء أول عملية معقدة ونادرة لسيدة في العقد السادس من العمر ، مصابة بورم سرطاني كبدي وقصور في وظائف الكبد منذ عدة سنوات .
من يقرأ تغريدات د منصور على منصة X ، يمكنه التعرف على الجانب الإنساني لهذا الطبيب السعودي المتميز . ففي كل خبر ينقله عن علاج جديد أو نجاح لعملية معقدة ، تشعر من خلال فرحه ، وكأن العلاج لأحد أقاربه ، أو أن العملية التي نجحت كانت لصديق عزيز عليه . وقد أوردت هذه الكلمات ، أولاً كمدخل لتفوق الطبيب السعودي من الناحيتين الطبية والإنسانية ، وثانياً كتمهيد لزراعة الأعضاء في المملكة بشكل عام وفي تخصصي الملك فهد بشكل خاص .
زراعة الأعضاء تعتمد على أمر آخر ، أكثر حساسية وأهمية ، وهو التبرع بالأعضاء . فبدون التبرع ليس هناك ” زراعة ” تنقذ الكثير من المرضى وتزرع الأمل والتفاؤل كي يعيشوا بإذن الله . ولأن قضية التبرع بالأعضاء لا تزال بطيئة ونادرة خاصة في مجتمعنا ، فقد خصصت مقالاً آخر في الأسبوع القادم بإذن الله ، وبعد اكتمال بعض الإحصاءات عن عدد المحتاجين وعدد المتبرعين .
نحن نتحدث عن العملية التي أجراها الفريق الطبي ، وكأنها عملية سهلة . ذلك أننا نجهل الجهود المضنية التي يبذلها الفريق الطبي ، كما لا نشعر بصعوبة وجود المتبرع للمريضة . ففي حالة هذه السيدة ، واجهت الفريق مشكلة أن حجم الفص الأيمن لكبدها كان صغيرا ً لا يكفي لزرعه لوحده ، فكان الحل هو إحضار المتبرعة الثانية وهي ابنة المريضة لأخذ الفص الأيسر من كبدها حتى يتناسب حجم الفصين مع وزن والدتها . هل تصورتم صعوبة وخطورة مثل هذه العمليات ، بكل ما فيها من معاناة لأكثر من طرف !؟
بين مهمة البحث عن المتبرعين ، وبين زراعة الأعضاء بسرعة فائقة ، لا بد لنا من تقديم الشكر والتقدير للفريق الطبي بقيادة د محمد القحطاني رئيس مركز زراعة الأعضاء ، نفع الله بعلمهم وإنسانيتهم وطنهم ، وسخرهم للمرضى أياً كانوا وأين تواجدوا . ولكم تحياتي