أيها الوزراء اخلعوا مشالحكم!

إن مسؤولية أي قوة أو هيئة حاكمة هي القيام بأحوال الناس، وتنظيم تعاملاتهم المَدَنية فيما بينهم، وفضّ المنازعات التي تتولَّد عنها وفق إنسيابية إجرائية سهلة، ومحاكمات عدلية منصفة؛ هي غاية ما يريده أي مواطن يشغل قطعةً جغرافية من أرض دولته، وذلك وَفق مقتضيات السلطة والهيمنة والسيادة، وهي كما يعبِّر عنها بعض مفكري الإسلاميين (بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية)، ومن تلك المسؤوليات العامة اختيار الوزراء لشغل قطاع خدميٍّ تنفيذي لتحقيق الرفاهية للشعب – بغض النظر عن مستواها – والسعي لإيقاف مسلسل استغلالهم ممن يقعون داخل دائرة الوزارة ومتابعتها.

خلال الأيام القلائل من عُمر وزارة التجارة، في عهد الوزير الموَّفق (د.توفيق الربيعة)، استطاع عكس الصورة السلبية الراسخة تجاه بعض الوزارات والقصور الواضح في تأدية أدوارهم، وأن يصنع له رقماً صعباً في مجال الإصلاح الإداري بتفعيل المشاركة الشعبية لحملات الكشف عن المتلاعبين بالأموال، والمتحايلين على أنظمة التجارة واستهلاك الفرد.

إنه اضطرنّا جميعاً لخلع مشالحنا حين لبس عباءة القوة والأمانة شرُفتُ به في دعوة للقاء خاص خلال زيارته للشرقية قبل عام مع مجموعة من رجال الأعمال؛ ليتفاجأ الجميع أثناء دخوله للقاعة بخلعه لمشلح الوزير (المترزِّز)، وارتدائه مشلح (النظام أولاً)، إنه اضطرنّا جميعاً لخلع مشالحنا حين لبس عباءة القوة والأمانة.

إن (القوة والأمانة) هما معيارا الاختيار الأنسب لتولي صلاحياتٍ معينة، وقد ابتدأ شيخ الإسلام كتابه العظيم (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) بباب الأمانة ثم القوة، حيث قال ابن تيمية: (يجب على – الحاكم – البحث عن المستحقين للولايات من نوابه على الأمصار، من الأمراء الذين هم نواب ذي السلطان، والقضاة، وولاة الأموال من الوزراء).

وذكر الشيخ محمد العثيمين في التعليق عما سبق: (إن كان من المُولَّى عجزٌ، ولا حاجة إليه، أو كان منه خيانة فإنه يعاقب على ذلك، ومن جملة العقاب «الفصل» أن ينحّى عن هذه الوظيفية).

كم هم الوزراء الذين قصّروا في أداء المهام الموكلة إليهم تجاه الحفاظ على حقوق الناس والتفرّغ لها، مقابل ساعاتٍ يمضيها يومياً أمام كاميرات الإعلام، يتحدث فيها عما سينفذه من مشاريع؛ فشاهدنا مغادرته للوزارة بصورةٍ أوضحَ من مشاهدتنا لتنفيذ وعده.

كم من وزيرٍ يتفنن في إلقاء اللوم على الوزارات الأخرى، وبينما يتفانى غيره في إيجاد حلول لمصلحة الفرد حتى وصفه عضو مجلس الشورى بأنه (حوّل وزارته إلى «حماية مستهلك»).

شكراً د.توفيق.. فوزارتك أعطت مثالاً شاهداً بإعلانها الحرب على الروتين والبيروقراطية والفساد، وضربت مثالاً رائعاً بضرورة تفعيل الإدارة المتطورة في قسمي: التنفيذ والرقابة والعقوبة الإدارية.
محمد بن علي البيشي
(نقلا عن اليوم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *