وأبقيت الأثر .. عملا وحبا وإحسانا
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
كان يشير لنا إلى كرسى مكتبه قائلا : هذا الكرسي زائل – هكذا كان حال الدكتور صالح بن علي الحميدان يرحمه الله – مدير عام دار اليوم للصحافة والطباعة والنشر ، لفترة حافلة بالإنجازات امتدت إلى ثمانية عشرة عاما ( 01/01/1998م – 31/12/2015م ) والذي رحل عن دنيانا الفانية وهو يصلي سنة الفجر في منزله يوم الإثنين 26 شوال 1442هـ الموافق 7 يونيو 2021م .
زاملت الفقيد في دار اليوم كعضو في ( مجلس الرقابة ) لثلاث دورات متتالية من أصل أربع دورات ، ولمدة تسع سنوات ( 2007م – 2015م ) بحكم عمله على رأس الهرم التنفيذي ، لذلك كان تواصلنا لا ينقطع حينذاك ، وكان مجلس الرقابة في تلك الفترة يضم مربين أفاضل وقامات تربوية وحكماء جيل وهما الأستاذين : محمد بن عبدالهادي العبدالهادي وفوزان بن عبدالرحمن الحمين يرحمهما الله ، بالإضافة إلى كاتب هذه السطور ( وهم كذلك أعضاء في الجمعية العمومية للشركاء ) .
لم تكن مهمة المجلس سهلة مع ما يتطلبه الوضع من أدوات وخطط ومجهودات وإجتماعات وجولات ميدانية لتفعيل العمل الرقابي من أعضاء غير متفرغين أساسا ، ولديهم مشاغلهم وأعمالهم الخاصة وفي مؤسسة صحفية عملاقة ، ولكنه لم يكن مستحيلا في ظل وجود إدارة تنفيذية محترفة واعية ومتعاونة ، ممثلة في المدير العام للدار الدكتور صالح الحميدان والقيادات الأخرى في الدار ، وبدعم لا محدود من مجلس إدارة ديناميكي يرأسه حينذاك المهندس عبدالعزيز بن محمد الحقيل أمد الله في عمره .
( المراقب ) بطبيعة الحال وطبيعة النفس البشرية قد يكون غير مرحب به في سرائر النفوس ، ولكن الأخ صالح الحميدان كان من القلائل الذين قدروا مهمة عمل هذا المجلس ، وفتح لنا قلبه ، كما فتح لنا كل شبر في أرجاء وأقسام الدار، إدارية وتحريرية ، مما سهل لنا مهمتنا ، كما حرص على مشاركتنا شخصيا في إجتماعات مكتبية وميدانية رغم مشاغله وبدون كلل أو ملل ، وبكفاءة وإحترافية عالية ، فرض بها إحترامه على الجميع .
تجولنا معه في أرجاء الدار وصعدنا معه عدة مرات مبنى مشروع برج اليوم الإستثماري وتجولنا معه في المطابع بتفاصيلها وتقنياتها ، ودخلنا معه غرفة التحكم المركزية للحاسب الآلي ، وكان يرحمه الله يشرح لنا بحماس ويناقش ويجيب على جميع إستفساراتنا ، ولا أذكر بأنه إعترض قط على أية خطوة من خطوات المجلس .
كان يرحمه الله من أشد الداعمين والمؤيدين لإستمرار عمل مجلس الرقابة ، حتى بعد تقاعده عن العمل الإداري ، إيمانا منه بدور هذا المجلس وأهميته .
واستمر تواصلنا معه بعد تقاعده في مناسبات مختلفة ومع الأعضاء الجدد في مجلس الرقابة وهم الإخوة : أسامة بن عبدالله أبونهيةوعبدالرحمن بن فوزانالحمين ومعتز بن منصور بن فيصل الشهيل ، وحتى بعد توقف عمل المجلس كان تواصلنا مستمرا بصفتنا أعضاء في الجمعية العمومية للشركاء في الدار .
كان يرحمه الله وبحكم تخصصه وخلفيته العلمية مؤمنا بضرورة وأهمية تعدد وتنوع مصادر الدخل، ولذلك فقد عمل بجد مع مجلس الإدارة حينذاك على تنفيذ فكرة مشروع برج اليوم الإستثماري ، ولا زلت أذكر حديثه لي : قد تتوقف الصحيفة في يوم من الأيام ولابد من مصادر دخل أخرى بديلة ، ولذلك قال عنه معالي الدكتور عبدالرحمن الجعفري ( عضو الجمعية العمومية للشركاء ) في مقالته التي رثى فيها الفقيد ، والتي نشرت في صحيفة الجزيرة بتاريخ 09/06/2021م ما نصه :
( وترجلت بعد أن أمنت مستقبل الدار بمبنى تجاري يدر عائدا مجزيا يكون رديفا لها في وقت عجزت فيه الصحافة الورقية عن تدبير أمرها ) .
يرحمك الله يا أبا علي فقد كنت إداريا فذا وأخا وصديقا وفيا يعتز به كل من عرفه ، وليس أدل على ذلك من هذا السيل العارم من رسائل التعزية والرثاء والذكر الطيب في الصحف ومواقع التواصل الإجتماعي ، تغمدك الله بواسع عفوه ورحمته ومغفرته وجزاك خير الجزاء على ما قدمت لمجتمعك ووطنك من أعمال جليلة خلدت إسمك بحروف من ذهب .
أبا علي … نعزي أنفسنا وأسرتك الكريمة ومحبوك ، وكم أحزننا فقدك ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله عز وجل : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) .