الرأي , سواليف
عيد اليحي يحفر في الصخر
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
في زمن أصبحت فيه البرامج التافهة ، وبرامج الغناء والرقص والتهريج ، هي المتسيدة للساحة ، تبدو البرامج الثقافية خارج حسابات الباحثين عن الشهرة ، المتلهفين للمال ، المتسابقين إلى منصات التواصل الإجتماعي . وعندما يحجز برنامج ثقافي – غير تقليدي – مكانا له بين تلك البرامج المطلوبة لدى الكثير من الجماهير السذج ، فإنه – بلا شك – برنامج يجمع كل مقومات التميز. وعندما يبرز مقدم البرنامج لمصاف المبدعين وأصحاب الشهرة والمتابعين ، ويكثر حساده والمتربصون به ، فإنه – بالتأكيد – سيكون إنسانا يحفر في الصخر ، ليكتب ملحمة الإبداع عن وطنه وتاريج جزيرته العربية . هذا هو حال البرنامج الشهير “على خطى العرب” ، وحال مقدمه المبدع الدكتور عيد اليحي .
فكرة برنامج “على خطى العرب” ، كانت بالنسبة له فكرة جهنمية . ومع ذلك عانى د. عيد الأمرين كي يقنع عددا من القنوات لتبنيها دون جدوى لولا أن أ.عبدالرحمن الراشد فتح الباب له ليطرح فكرته التي آمن بها وقاتل لأجلها . فتبنت قناة العربية الفكرة بعد أن سجل لهم حلقة احترافية أقنعت أ.الراشد الذي كان مشرفا على قناة العربية .
لم يدر في خاطر أحد ، أن يحظى هذا البرنامج بكل هذه الشعبية لدى المتلقي العربي بشكل عام ، والسعودي بشكل خاص . لكن عندما يؤمن الإنسان بفكرته ، فإنه سيجد – حتما – من يقدرها ويتبناها .
عيد اليحي يحاكي الصخر والحجر والجبل رغم صلابتها ، وكأنه يحاكي تجربته عندما عانى ما عانى وهو يتابع دراسته في لندن وباريس على حسابه الشخصي رغم كل الظروف . وحين يحاكيها يبدو حنونا عليها ، يحترمها ويقدرها .. يتحدث عنها كما لو كانت قطعة منه . يضع يده عليها ، ينظر إليها بإعجاب كما لو كانت عشيقته . يتغزل في الصحراء ، يرى فيها ما لا نراه ، ويسترجع حكايات وأساطير مضى عليها آلاف السنين كما لو كان قد عاش فيها .
“على خطى العرب” ، يمثل مشروعا حضاريا وثقافيا . ليس مجرد سرد تاريخي ، ولا قراءة لكتب سردها بعض المؤرخين . فكسب بذلك احترام الجميع من مثقفي العالم العربي ومحبي التاريخ والباحثين عن الدراسات المتعمقة لهذه الجزيرة العربية الضاربة في أعماق الحضارة القديمة .
سأكتب – لاحقا – كيف كانت رحلته مع الدكتور عبدالعزيز بن لعبون لعين فرزان ومدافن بن لعبون . ولكم تحياتي.