الرأي , ساقية
( ابليس و الطرفة )
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
ترد عليّ من مواقع التواصل و لاسيما ” الواتس اب ” بعض الطرائف و المُلَح ، التي تختلف بين كونها ذات مغزى ، أو رسائل مشفرة من أجل النقد الاجتماعي
و بعضها تحمل تحذيرات من سلوكات مرفوضة تنبيهاً للنشئ أو إيقاظاً للغافل المنساق لأقوال أو أفعال لم يقف مع نفسه وقفة لتحليلها أو حتى التفكير بها ، لكثرة شيوعها و تعامل الكثير معها بسطحية تخلو من العمق بخطرها ..
و كلا النوعين السابقين أمر محمود ، فقد أتى ( التحذير أو النصيحة ) بقالب فكاهي جميل و قصير ، فكان أبلغ و أصوب إن وجد له موطناً في الفؤاد العاقل
إلا أن حديثي هو عن نوع من الطرائف التي تحمل طابع الذكاء و الحيلة و فيها حسن تخلص من موقف يقع به
( بطل النكتة ) تدل على سعة حيلته .. لكن ما طرأ و استجد هو تُذييل الطُرفة بتبرئة ابليس – و العياذ بالله منه – من تفكير ابن آدم ! بصورة تدعونا للضحك أكثر
حيث جعلوا الإنسان هو الأدهى والأكثر خداعاً ، و الشيطان متعجباً من تفوقه عليه ، و ربما اعتزل الوسوسة و اتجه إلى البيع في الحراج مثلاً !!
لا أخفيكم سرّاً ، أن التعليق الذي يرد على لسان ابليس ، كان يضحكني و أحياناً أكثر من النكتة ذاتها !
لكنني انتبهت إلى خطورة الأمر و إلى منهجية التطبيع اللاواعي الذي تُستغل به حسن نوايانا و سذاجة البعض و خاصة اليافعة و الأطفال .
بدأت استوعب أنه عليّ القيام بحذف آخر النكتة المتعلق ب – ابليس – قبل إعادة إرسالها للمضافين لديّ .
حقيقة .. لا أدري من بدأ باستمراء هذا الأمر ، و إدخاله علينا من الباب الواسع ، باب ” الضحك ” وهو أفضل باب يبعث على الأنس و انشراح الصدر
بهذا التذييل جعلوا الشيطان بريئاً من أفعالنا ، بل أنه أصبح تلميذاً و صرنا اساتذة المكر و الخديعة .. رغم أنه أصل الشر كله !
فكيف يستوي هذا ؟! و كيف سرقوا منّا ضحكنا البرئ ؟!!
الله أمرنا بالاستعاذة منه في أحوال كثيرة كأن يفقد الإنسان فيها السيطرة على بعض مشاعره التي قد تهلكه فيندم عليها لاحقاً
قال تعالى { فإذا قرأتَ القرآنَ فاستعذ باللهِ منَ الشيطانِ الرجيمِ * إنهُ ليسَ لهُ سلطانٌ على الذينَ آمنوا و على ربِهم يتوكلون * إنما سُلطانَهُ على الذينَ يتولونَهُ و الذينَ هم بهِ مشركون }
الاستعاذة هنا في أجلّ و أعز و أخشع حال ، وهو عند قراءة القرآن ، فكيف بحالنا عند قراءة النكت ؟!
و قال تعالى { و إمّا ينزغنكَ من الشيطانِ نزغٌ فاستعذ باللهِ إنهُ هو السميعُ العليمُ }
سؤال .. هل نستعيذ منه و نحن نضحك أم أن وجوده في ذلك الموقف بات يبهجنا ؟
ختاماً .. قال ربي سبحانه و تعالى { إنَّ الشيطانَ لكم عدوٌ فاتخذوهُ عدوا }
فهل ما نفعله في الآونة الأخيرة .. من العداوة ؟؟؟
ليتنا نقضي على هذه الظاهرة .