الرأي , سواليف
لا تدعوا عليهم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
بداية أقول إن ديننا الحنيف هو دين المحبة والتسامح والاحترام . دين كله إنسانية وعاطفة وسلام . ففي صفحات كتاب الله المجيد ، وفي كل الأحاديث عن رسول الله الكريم ، شواهد وأدلة تدل على تلك الصفات الحميدة .
قد يعتقد البعض بأنني أوردت ذلك لتبرير أي موقف مع أو ضد الديانات الأخرى وخاصة المسيحية واليهودية ؛ لكن هذا الاعتقاد إن حضر ، فإنه اعتقاد لا أساس له من الصحة . فأنا لست عالم دين ، ولا دارساً في علاقات الأديان ، ولا يروق لي النقاش في أي موضوع له علاقة بالأديان . إنما أوردت ذلك من باب المنطق والعقل حول من يدعو على الآخرين من غير المسلمين بالموت والهلاك وعظائم الأمور ، فهكذا تعميم غير مقبول . فالله سبحانه وتعالى يقول: “ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ“.
لم أكن أفكر في التطرق لمثل هذا المقال ؛ لأن هناك من يصطاد في الماء العكر ، ومن يضع الكلام في غير موضعه . إلا أن ما سمعته من حديث دار بين أب وابنه المراهق ، جعلني أتطرق لهذا الموضوع الحساس . ليس مهماً ماذا قال ذلك الأب لابنه بالحرف الواحد ، فاللبيب بالإشارة يفهم . والآية التي ذكرتها آنفاً ، كافية لمنع الناس من تعميم الشر على الآخرين . فمن لم يقاتلوننا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا ، ليسوا أعداءً لنا ؛ بل أن الله قد أمرنا بأن نبرهم ونقسط إليهم لأنه سبحانه وتعالى يحب المقسطين.
في اللحظة التي يتحدث فيها الأب بتلك النبرة العدوانية ، ربما يكون هناك قريب له ينتظر علاجاً في أحد المستشفيات خارج بلاده ، أو لربما كانت أمه أو والده أو شقيقه ممن ينتظرون صرف دواء لهم من اكتشاف طبيب نصراني أو يهودي أو غير ذلك من الديانات غير السماوية . لو نظرنا من حولنا لما وجدنا أي من وسائل الراحة التي سهلت حياتنا ، هي من صنعنا أو من اكتشافاتنا .
كنت أود لو أنني قلت لذلك الأب: أنظر من حولك لتتأكد أنك بحاجة للدواء الذي يخفف آلام أهل بيتك وأحبابك ، وأذهب إلى بيتك مشياً على الأقدام بدلاً من السيارة ، واجلس مكانك فلا تسافر بالطيارة لأي مكان في هذه الدنيا ، وامتنع عن استهلاك كل ما تنتجه تلك العقول ، ولا تستفد من كل اختراعاتهم ، ولا تفرح مع كل علاج جديد يكتشفونه ليستفيد منه المسلم وغير المسلم . كنت أود أن أقول له : أزرع روح وجوهر ديننا الحنيف في قلب ابنك ، وهو الدين الذي يحض على المحبة والسلام ، وينهى عن البغضاء وخلق العداوات . الإسلام يهذب النفوس ويرجح العقول ويحمي الإنسانية . ولكم تحياتي.