الرأي , سواليف
قلب من حجر
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
شعرت بقشعريرة في جسدي وأنا أتابع المقطع الذي ظهر فيه رجل وهو يعتدي بالضرب على طفلة ويدفعها بكل عنجهية إلى داخل السيارة ، وهي لا حول لها ولا قوة . ليس مهماً إن كان ذلك الرجل هو والدها أو شقيقها أو أحد أقاربها ، وليس مهماً السبب الذي دفع هذا الإنسان العدواني للاعتداء على تلك الطفلة . فمثل هذه الاعتداءات لا مبرر لها . قلت لنفسي .
تعنيف الأطفال ليس مقتصراً على بلد بعينه ، ولا مجتمع بذاته ، ولا بطبقة اجتماعية دون غيرها . فنحن نسمع ونقرأ عن قصص مرعبة يتعرض لها الأطفال في الدول المتحضرة ، كما نسمعها أو نشاهدها أو نقرأ عنها في وطننا العربي بشكل عام وفي المملكة بشكل خاص .
والدوافع التي لخصتها اللجان ومراكز الدراسات الإجتماعية حول ظاهرة الاعتداء على الأطفال وتعنيفهم ، تكاد تكون متشابهة إلى حد كبير . وقد جاء من بينها انفصال الوالدين ، أوتقاعس أحدهما عن تحمل المسؤولية مما يحمل الطرف الآخر أكثر من طاقته … تعاطي المعتدي للمخدرات … ظروف معيشية صعبة … تعرض المعتدي للتعنيف والاعتداء عندما كان صغيراً .
وحتى علامات سوء المعاملة التي تظهر على الأطفال المعنفين ، هي الأخرى متشابهة . ومنها ظهور علامات العداونية على الطفل .. عدم المشاركة في الأنشطة المدرسية والانطواء .. محاولة الهرب من المنازل .. تراجع مستواه الدراسي أو تكرار تغيبه عن المدرسة .. إيذاء النفس لحد محاولة الانتحار .
وأمام وضوح الأسباب والمؤشرات التي تدل على أن هذا الطفل يتعرض للتعنيف ، يأتي دور أفراد الأسرة الآخرين أو الأقرباء ، فإن نجحوا في إقناع المعّنف بالتوقف عن التعنيف ، وإلا فليس أمامهم إلا التبليغ عن حالة التعنيف دون حرج أو خوف . والحال نفسه ينطبق على المدارس وخاصة المشرفين والمشرفات الاجتماعيين . فهم مطالبون وبقوة القانون تبني تلك القضايا ومعالجتها أو التبليغ عنها .
قضية ذلك الرجل الذي عنّف تلك الطفلة المسكينة ، سيُعرض حتماً على النيابة العامة ، كما حدث في حالات سابقة . وربما يصدر عقاب بحقه . ولكن ومع كل التقدير والاحترام لمقام النيابة العامة ، فإن الحكم إن لم يعلن للناس فلن يتعظ أحد وسيستمر التعنيف ، وقد يصل إلى الموت كما حدث في حالات سابقة . ولكم تحياتي.