الرأي , سواليف
قبل الكف أم بعده؟!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لم يعد مستغربا لدينا أن سمعنا كلمات مثل كلمات عنوان هذا المقال ، أو إحدى مرادفاتها مثل ” قبل الجمس الأسود وبعده ” ، أو ” قبل الجيب وبعده ” . حيث يتبادل الناس تلك العبارات عندما يشاهدون مقاطع متناقضة لشخص واحد ، ينتقد في المقطع الأول إحدى الجهات الحكومية أو الشخصيات العامة والهامة ، وفي الثاني يظهر ذليلا منكسرا ومعتذرا بأنه لم يكن يقصد الإساءة لتلك الجهة أو الشخصية التي انتقدها متعللا بأن التعبير قد خانه . فأمام هذا التناقض ، لا يملك الناس غير تلك التعليقات التي تشير بوضوح لتعرض هذا الشخص إما لضغوط أو لتهديدات قد تمسه أو تمس مصدر رزقه .
آخر تلك المقاطع ظهر فيها سائق إحدى حافلات النقل المدرسي ، شاكيا من تردي أوضاع السائقين ومحذرا من إنعدام الأمان ” الميكانيكي” لمعظم الحافلات . ومع أن ذلك السائق في مقطعه الأول كان في صحة جيدة ويتكلم بحرقة وجدية وغيرة ، إلا أنه في المقطع الثاني ادعى أنه يعاني من ارتفاع السكر، الأمر الذي جعله يهذي بما هو ليس صحيحا ” كما يقول “. وبغض النظر عن صحة ما قاله بداية أو ما أوضحه لاحقا ، فإن ذلك لم يعد مقبولا لدى الناس ولا مؤثرا عليهم . وعلى الجهات الحكومية أو المؤسسات الخاصة التي تتعرض لمثل هذه المواقف تغيير سياساتها في التعامل مع وسائل الإعلام وتطبيقات التواصل الإجتماعي . إن إجبار الشخص على تغيير أقواله من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، لم يعد خيارا صائبا ، بل إن له نتائج عكسية وأضرارا كبيرة تؤثر على مصداقية تلك الجهات . فلدى الناس قناعة بأنه لو لم يتعرض لتهديدات ليغير أقواله لما قبل أن يظهر في مقاطع لاحقة وكأنه يتوسل تلك الجهات لتسامحه ، وما يدفعه بالإضافة لذلك هو أنه يعلم بأن مجتمعنا وللأسف الشديد يهتم ب “الطقطقة ” عليه وعلى أقرانه ، بدلا عن الوقوف بجانبه ودعمه طالما لم تثبت تلك الجهات كذبه أو حتى مبالغته . فماذا يفعل هذا الضعيف البسيط وهو وحيد في مواجهة من هم أقوى منه نفوذا وسلطة؟ .
وسواء كان ذلك السائق صادقا فيما قال ، أو أنه فعلا بالغ في أقواله ، فإن الشارع السعودي لا يزال مهتما بوضع حافلات النقل المدرسي من حيث جودتها وسلامتها من أي عيوب ، فالجميع غير مقتنع بما قاله السائق في مقطعه الأخير . فهل من مجيب ؟!. لكم تحياتي.