قطر التي تكره التدخلات الخارجية!
في كلمته التي ألقاها في افتتاح الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي بالدوحة، قال أمير قطر تميم آل ثاني، وهو يقدم روايته الخاصة عن الحال العربي، بسوريا واليمن وليبيا مثلاً: «لو تصرفت الدول الإقليمية والدول الكبرى بمسؤولية ودفعت نحو التغيير السلمي والحلول السياسية، لوفرت الكثير من الألم والمعاناة على هذه الشعوب».
ترجمة هذا الكلام عملياً، هي: لو ترك المشروع الإخواني يقطف ثمار الحكم، بدعم قطري تركي، تحت عنوان الحريات والشعوب الحرة… إلخ، هذه التعاويذ التي كان سحرة الإخوان يلقونها في الغرب، ومعهم مهاويس اليسار، من العارفين والساذجين… لو ترك الحال لكان الأمر أحسن، ولكان الدم محقوناً والسلام محفوظاً، هكذا يفهم الشيخ تميم، وحكام قطر الحكاية.
الحال أن قطر، هي عنوان التدخل الصارخ في الأزمات وسبب إدامتها، عبر تمويلها الجماعات الإرهابية والفرق الإخوانية، وعبر الدعم الإعلامي والسياسي. وعلى فكرة «صديق» قطر، السياسي الإيراني علي صالحي، قال قبل أيام لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية، إنه اتصل بوزير خارجية قطر ورئيس وزرائها الأسبق حمد بن جاسم بن جبر، من أجل حث قطر على الاتصال بجماعتها «الإرهابية» بسوريا، وإطلاق سراح الزوار الإيرانيين لمقام السيدة زينب الذين اختطفتهم جماعة من جماعات قطر بسوريا.
هذا على سبيل المثال السريع فقط! بل وصل الأذى القطري – الإخواني، إلى أبعد بكثير من حدود العرب، إلى قلب أوروبا.
مؤخراً صدر كتاب صادم، لباحثين فرنسيين هما جورج مالبورنو وكريستيان شينو بعنوان «أوراق قطر» كشفا فيه النقاب عن عمق الإفساد القطري داخل فرنسا وعدة دول أوروبية أخرى، من أجل «تمكين» جماعة الإخوان والذَّب عن السياسات القطرية التخريبية من داخل «السيستم» الأوروبي.
الكتاب الفرنسي يرصد التمويل القطري الواسع لنشر فكر الإخوان المسلمين ليس فقط في فرنسا، وهو المحور الأساسي للكتاب، ولكن أيضاً في سويسرا وإيطاليا وألمانيا وبلدان البلقان.
الكتاب يكشف النقاب عن 140 وثيقة تخرج للعلن للمرة الأولى وهو «ثمرة تحقيق شمل 6 بلدان، إضافة إلى الكثير من المدن الفرنسية».
قطر، حسب التحقيق الفرنسي، موّلت «اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا» الإخواني الذي اتهمه رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق مانويل فالس بأنه يحمل «فكراً متطرفاً» وسعى لمنعه.
هذا غيض من فيض الأذى القطري المتشعب، وبعد ذلك كله يحاضر الشيخ تميم عن عدم التدخل والتدويل؟!
الذي ساهم في خراب ليبيا واليمن وسوريا – لا نقول يتحمل وحده المسؤولية، لكنه مساهم رئيس – هو الدور الإخواني والإيراني والتركي، وكل هؤلاء، في مكان ما، إما رضعوا من المال القطري أو تغطوا بعباءة الإعلام القطري، المباشر وغير المباشر. تلك هي الحقيقة.
مشاري الذايدي
نقلاً عن (الشرق الأوسط)