مسؤولية المجتمع تجاه حماية البيئة
البيئة هي المكان الذي نعيش فيه وهي ما يولد الشعور للإنسان بالاستقرار والأمان، إذ إن البيئة هي الحاضنة للإنسان وأي اختلال بها ينعكس بصورة مباشرة عليه فكثير من الأمراض والأضرار التي يمكن أن يعانيها الإنسان تنشأ من تلوث البيئة، وقد لاحظ الإنسان بعد الثورة الصناعية أثر حالة الفوضى التي تنشأ بسبب ارتكاب مجموعة من الانتهاكات البيئية التي يمكن أن تجعل هذه الأرض التي منحنا الله فيها ما لا يحصى من أسباب العيش بأمان ورفاهية إلى مكان لا يطاق وذلك بسبب أن البعض آثر أن يجعل من هذه النعم سببا لكثير من الكوارث التي يمكن أن تنشأ بسبب عدم العناية بالبيئة، ولذلك أصبحت مسألة الحملات والتشريعات والاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بالبيئة لها أهمية عالميا في مختلف المجالات، وبالنظر فإن العناية بالبيئة مؤشر على تحضر المجتمع الذي يهتم بها، فعلاقة البيئة بالإنسان علاقة وثيقة، لأن صحة البيئة صحة للإنسان. مع بدء مجموعة من الحملات الإعلانية الخاصة بالبيئة اليوم نشهد تحولا إيجابيا وجدية فيما يتعلق بالعناية بالبيئة والاهتمام بها وسبقه مجموعة من التشريعات الخاصة بتخصيص مجموعة من المحميات في المناطق البرية والبحرية دلالة على البدء فعلا بمشاريع تعتني بالبيئة في المجتمع، حيث إن المجتمع اليوم يكبر وتزداد احتياجاته وعدم الاهتمام بالبيئة سيجعل الحياة في بعض مناطق المملكة لا تطاق، لكن هذه الحملات يمكن أن تكون بداية ولا يمكن التعويل عليها فقط في تحقيق تحول للمجتمع إذ إن مسألة العناية بالبيئة تشمل نطاقا واسعا من الممارسات وإذا كانت هذه الحملات تستهدف فئة من المجتمع قد يكون غلب عليها شيء من الجهل أو عدم الشعور بحجم الضرر من ممارساتها إلا أن هناك من يدرك حجم الضرر الذي يمكن أن ينشأ من عدم العناية بالبيئة لكن يتعارض الالتزام بالمعايير البيئية مع مصالحه أو ما ترسخ لديه من ممارسات يعتقد أنها قيم لازمة.
عندما علقت بعض هذه الحملات على مسألة محاولة الربط بين البيئة ومنزل الشخص وكيف أن من المهم العناية بالبيئة كعناية الشخص بمنزله وجدنا أن البعض يمكن ألا ينشأ لديه فرق حاليا بين حالته في المنزل الذي تتولى الخادمة فيه معالجة أخطائه كعدم العناية بنظافة المنزل كما هو الحال في الشارع الذي قد يوجد فيه بعض النفايات ليلا ولكن يصحو صباحا فيجد من تولى تنظيف ما خلفه من فضلات.
ومن هنا من الأهمية بمكان العناية بقضايا متعددة، ومنها:
رصد جميع الممارسات في المجتمع التي ينشأ عنها سلوك يضر بالبيئة، فعلى سبيل المثال الاستخدام المبالغ فيه للبلاستيك فيه ضرر كبير على البيئة ومع ذلك نجد أن المجتمع لا يشعر بالذنب من الاستخدام بشكل واسع له، حتى الماء الذي تبذل الجهات المختصة فيه جهدا كبيرا ليصل إلى المواطن صالحا للشرب نجد أن البعض لا يثق به ويشتري عبوات الماء المعبأة في البلاستيك، بل وتوزع بشكل واسع في أنحاء البلاد بالمجان، ما ينشأ عنه كم هائل من الفضلات البلاستيكية التي تضر البيئة وهناك كلفة في التخلص منها، وهذا الأمر يجري على المبالغة في الاستهلاك للأطعمة وغيرها التي يرى البعض أنه معفى من المسؤولية والخطأ بمجرد أن يقدمه إلى جمعية خيرية، رغم أن ذلك بلا شك هدر لا داعي له والأولى دفع ذلك نقدا للجمعيات الخيرية.
من الأهمية بمكان أن يعتنى بالبيئة وأن يكون علما ينشأ عنه مواد دراسية للتعليم العام ويُنشأ له مراكز بحثية متخصصة ويبتعث بعض الطلبة المميزين لدراسته، وتدرج مقررات خاصة بالبيئة في مختلف التخصصات العلمية خصوصا للكفاءات التي يتوقع أن تعمل في القطاع الصناعي أو الخدمات. من المناسب: دعم مشاركة المجتمع من خلال حملات عامة تتيح للجميع المشاركة في برامج للتوعية بأهمية العناية بالبيئة. كما أن من الأهمية بمكان مشاركة المجتمع في رصد المخالفات البيئية مع إتاحة التبليغ عن تلك المخالفات من خلال الطرق الميسرة مثل تطبيقات الأجهزة الذكية ويكون هناك تفاعل من الجهات المختصة بما يشعر المواطن بأثر مجهوده.
– أن تكون هناك حملات لمواجهة العبث بالبيئة من خلال حملات التشجير بمشاركة المواطنين، إذ إن الفرد سيكون لديه حرص أكثر على حماية ما كان مساهما في وجوده، بل قد يكون البعض مراقبا ومتابعا لنتائج نشاطه فيما يتعلق بالعناية بالبيئة.
في بعض الأحيان لا يمكن تجاهل أن آخر العلاج الكي، حيث يتم العمل على وضع التشريعات التي تجرم صور الإضرار بالبيئة، وتترتب عليها عقوبات تردع من لا يبالي بسلوكه الذي يمكن أن ينشأ عنه ضرر بيئي.
الخلاصة: إن العناية بالبيئة أمر مهم لحياة مستقرة آمنة في المجتمع ومن هنا تأتي أهمية الحملات الإعلامية التي بدأت فعليا، إضافة إلى أهمية رصد المخالفات البيئية وتشجيع المجتمع على العناية بالبيئة من خلال برامج متعددة تعزز الشعور بالمسؤولية ِقبل المجتمع بها.
د.صلاح بن فهد الشلهوب
نقلاً عن ( الاقتصادية)