الرجل الذي لم يكرم في يوم المرأة
كنت أتوقع أن يكرم هذا الرجل في يوم المرأة.. إنه محمد يونس مؤسس بنك القرية الذي يعد مؤسس التجربة الرائدة والفريدة في إقراض الفقراء، حيث تشكل المرأة قرابة 97 % من مجموع المقترضين، لدرجة أن البعض طالبه بتغيير اسم البنك إلى بنك المرأة، جاء محمد يونس بتجربة فريدة في ابتكار طريقة جديدة حول مفهوم الإقراض الشخصي من أجل الإنتاج وليس الاستهلاك وكيفية التفريق بين الإنسان والمؤسسة في التقييم الائتماني، المؤسسة مرتبطة بنموذج عملها التجاري (Business model) ومواردها إذا تأثر نشاط المؤسسة تأثرت أرباحها وتدفقاتها المالية، لذلك تكون المعلومات التاريخية عن أي مؤسسة مهمة لمعرفة صحة النشاط وأداء الشركة بعكس الإنسان الذي لا تطابقه هذه المعايير.
الإنسان بطبيعته يُقيم مستقبله قياساً على احتياجاته واحتياجات أسرته المستقبلية، لذلك كان هناك ثلاثة عوامل مهمة لتقييم الإنسان: الأول صحته، والثاني التزاماته الشخصية والأسرية والاجتماعية، والثالث مهاراته أو تعليمه.. وجميع هذه الأشياء هي مؤشر لقابليته للإنتاج والعمل، والدليل تطبيقه لنظريته على المتسولين.
السؤال: كيف يتحول المتسول إلى منتج؟ إذا نظرت له كمتسول فأنت تنظر للماضي، وإذا نظرت له كإنسان بصحة جيدة حدّته الظروف والاحتياجات للتسول فأنت تقيس قابلية تحويله إلى إنسان منتج وقابل للاقتراض، ونجحت تجربته في تحول آلاف المتسولين إلى عمال منتجين وهي تجربة مليئة بالتفاصيل الاجتماعية المهمة التي لا تجدها في كتاب أو دراسة خارج (عالم) محمد يونس.
هذه المعلومات والتجارب المتراكمة لدى بنك القرية هي كنز للأسف لم يتم الاستثمار فيه بالبحث والتدقيق وهي أقرب لنا بالاحتياج في دول العالم النامية، الحقيقة لو كنت مكان شركات التجارة الالكترونية في المملكة لدرست تجربته من أجل إقراض الأسر المنتجة والمؤسسات الصغيرة للإنتاج وتغذية منصات التجارة الإلكترونية بمنتجات محلية منافسة يمكن تغذيتها مقابل المنصات الصينية التي تستورد الكثير من المنتجات الرخيصة، وقس على ذلك الكثير في القطاعات التي تتغذى على الأفراد والمؤسسات الصغيرة في قطاع التجزئة والخدمات.
أخيراً أقول: إن تجربة محمد يونس تحتوي على عالم مختلف المخاطر والموارد لكنها فريدة وتستحق دراسة نوعية تراعي الاختلافات العديدة بين المجتمعات وأسواق عملها. المال هو أحد أركان أي استثمار لكن الأفكار هي من تصنع النجاح.
مازن السديري
نقلاً عن (الرياض)