أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف..
المملكة ترد على قضية خاشقجي والسجون ودور التوقيف
أكدت المملكة العربية السعودية أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، الخميس (14 مارس 2019م)، عزمها على مواصلة الجهود في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وتحقيق التنمية المستدامة وفق منهجية متوازنة بين تحقيق أفضل النظم والممارسات في مجال حقوق الإنسان والحق في التنمية وبين الحفاظ على قيم المجتمع السعودي الأصيلة.
وشددت خلال كلمة وفد المملكة التي تلاها رئيس الوفد، رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان، في جلسة اعتماد التقرير الإضافي لتقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل “UPR” الخاص بالمملكة ضمن الدورة الـ 40 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، على أن قضاء المملكة يمارس سلطته المقررة شرعًا ونظاماً المتوافقة مع مبادئ استقلال السلطة القضائية المتعارف عليها دولياً، حيث تتوفر فيها جميع مقومات ومعايير العدالة والشفافية والنزاهة، وإنها تمارس أعمالها بوصفها سلطة مستقلة.
وأكد العيبان، أن جهود المملكة في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان ورفع القدرات الوطنية في هذا الجانب ماضية، كما أن جهود نشر ثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها مستمرة اقتناعاً من المملكة بأن تنمية الوعي بحقوق الإنسان على المستويين الرسمي والاجتماعي تمثل أحد المرتكزات الأساسية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان.
وقال: المملكة تنظر إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل ببالغ الاهتمام، ومن شواهد ذلك مشاركتها الفاعلة في جولات الاستعراض الثلاث، وتأييدها لمعظم التوصيات التي قدمت لها خلال تلك الجولات، ودراستها، على المستوى الوطني، وتنفيذ معظمها، فضلاً عن تقديمها لعدد من التوصيات للعديد من الدول في إطار هذه الآلية.
وأضاف: المملكة تلقت (258) توصيةً في الدورة الـ (31) للفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل التي عقدت في نوفمبر 2018م، وتمت دراستها من قبل لجنة مكونة من الجهات الحكومية ذوات العلاقة، وفي مجلس هيئة حقوق الإنسان، ومن قبل عدد من مؤسسات المجتمع المدني، وقد خلصت تلك الدراسة إلى تأييد (182) توصية بشكلٍ كامل، وتأييد (31) توصية بشكلٍ جزئي، حيث قُدمت عدداً من التوصيات تدعو المملكة إلى الانضمام إلى العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان وعدداً من الاتفاقيات الأخرى، ومسألة الانضمام إليها محل اهتمام من قبل المملكة.
وفيما يخص التوصيات التي تضمنت رفع التحفظات التي أبدتها المملكة على عددٍ من اتفاقيات حقوق الإنسان، أكد “العيبان” أن هذه التحفظات لا تتعارض مع أهداف ومقاصد تلك الاتفاقيات في الواقع العملي، وأنها تخضع للدراسة الدورية في ضوء الإصلاحات التنموية والمتغيرات العصرية، وبالتالي فإن التوصيات التي حظيت بالتأييد في موضوع الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، وسحب التحفظات (13) توصية، بينما حظيت بالتأييد الجزئي ثلاث توصيات.
وحول التوصيات التي قُدمت بشأن نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، ذكر رئيس وفد المملكة أن هذا النظام صدر في نوفمبر 2017م، ليحل محل النظام السابق، حيث تم تعديله بما يعزز العدالة الجنائية، مع التأكيد على أن التعريفات الواردة فيه واضحة ومحددة بالقدر الذي يحول دون تأثيرها سلباً على حقوق وحريات الأفراد التي كفلتها لهم أنظمة المملكة، والتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان, وبالتالي فإن التوصيات التي حظيت بالتأييد في موضوع الإطار القانوني والمؤسسي لحقوق الإنسان والخطط والاستراتيجيات الوطنية (27) توصية، وحظيت بالتأييد الجزئي ثلاث توصيات.
وبشأن التوصيات المتعلقة بالمحاكمة العادلة والعدالة الجنائية، أكد “العيبان” أنه لا يوجد في المملكة سجون ودور توقيف سرية، وأن الحبس السري محظور بموجب أنظمة المملكة، وتقوم كل من النيابة العامة، وهيئة حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وغيرها من الجهات ذوات العلاقة بمراقبة السجون ودور التوقيف، وبناءً عليه فقد حظيت بالتأييد ثماني توصيات، وحظيت توصيتان بالتأييد الجزئي.
وفيما يتعلق بالتوصيات التي قدمتها عدد من الدول بشأن قضية المواطن جمال خاشقجي، أوضح العيبان، أن المملكة تعاملت معها بإيجابية لقناعتها بجسامة وبشاعة هذا الحدث المؤسف والمؤلم، وسلامة الإجراءات التي اتخذتها حيال هذه القضية، وأن الإجراءات المتخذة في شأنها تستند إلى مبادئ دستورية، وأسس قانونية تكفل سلامتها وصحتها، ولكون معظم تلك التوصيات صيغت على نحوٍ يراعي أن القضاء السعودي هو صاحب الاختصاص الأصيل في نظر هذه القضية والفصل فيها، فقد حظيت التوصيات التي قدمت بشأن هذه القضية بالتأييد عدا توصيتين هما (122/168)، و(122/173) نظراً لما تمثلانه من مساس بسيادة المملكة، والتدخل في شأنٍ من شؤونها الداخلية يتمثل في ولايتها القضائية، مما يتعارض بشكلٍ صريح مع قواعد القانون الدولي والأعراف الدولية.
وقال رئيس هيئة حقوق الإنسان: النيابة العامة شرعت بالتحقيق في هذه القضية، حيث كلفت الجهات المختصة بجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام، وأصدرت الأمر بالقبض على المتهمين وجرى معاملتهم بما يحفظ كرامتهم وعدم تعرضهم للإيذاء الجسدي أو المعنوي وإخبارهم بأسباب القبض عليهم وتوقيفهم، وتمكينهم من الاتصال بمن يرون لإبلاغهم بالقبض عليهم وتوقيفهم، وإبلاغهم بحقهم في الاستعانة بمحامٍ في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، وجرى استجوابهم من قبل النيابة العامة في مقرها بعد إعلامهم بالتهمة الموجهة إليهم، وذلك بحضور محاميهم، وأحالت النيابة العامة القضية إلى المحكمة المختصة بعد توجيه الاتهامات لمن توافرت ضدهم الأدلة الكافية.
وأضاف: بدأت المحكمة في عقد جلساتها، حيث عقدت حتى الآن ثلاث جلسات، حضرها المتهمون مع محاميهم، وما زالت جلسات المحاكمة للمتهمين مستمرة وفقاً للإجراءات المقررة في الأنظمة المرعية، وتجدر الإشارة إلى أنه حضر المحاكمة مندوبون من هيئة حقق الإنسان، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى المملكة، وما زالت النيابة العامة تجري تحقيقاتها مع بقية المتهمين الذين لم تتوافر بحقهم حتى تاريخه الأدلة الكافية على توجيه الاتهام.
وأردف: تؤكد المملكة أن قضاءها يمارس سلطته المقررة شرعًا ونظاماً المتوافقة مع مبادئ استقلال السلطة القضائية المتعارف عليها دولياً حيث تتوفر فيها جميع مقومات ومعايير العدالة والشفافية والنزاهة، وإنها تمارس أعمالها بوصفها سلطة مستقلة، وأن ما يثار في بعض البيانات والتصريحات الإعلامية من إشارات إلى تدويل بعض الإجراءات المتصلة بهذه القضية، لأمر ترفضه المملكة رفضاً قاطعاً انطلاقاً من وجوب احترام سيادة المملكة واستقلال سلطتها القضائية في بسط ولايتها على جميع القضايا والدعاوى الداخلة ضمن اختصاصاتها، ولما في ذلك من تشكيك واضح في نزاهة سلطتها القضائية واستقلالية وسلامة إجراءاتها.
وقال “العبيان”: أما التوصيات المتعلقة بنشر ثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها ورفع القدرات الوطنية، فإن جهود المملكة في هذا المجال مستمرة اقتناعاً منها بتنمية الوعي بحقوق الإنسان على المستويين الرسمي والاجتماعي كونها تمثل مرتكزات أساسية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، وقد حظيت جميع التوصيات المتعلقة بهذا الموضوع بالتأييد.
وفيما يتعلق بالتوصيات التي قدمت بشأن حقوق المرأة والطفل، أكد رئيس وفد المملكة أن التسلط الذي يمارسه بعض الذكور على الإناث والذي عبرت عنه تلك التوصيات “بنظام الولاية” محظور بموجب أنظمة المملكة. وبناءً عليه فإن جميع التوصيات في هذا الموضوع حظيت بالتأييد، عدا توصية واحدة حظيت بالتأييد الجزئي. فيما حظيت جميع التوصيات التي قدمت في موضوع حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالتأييد، إيماناً من المملكة بأحقية هذه الفئة في الحصول على مزيدٍ من العناية والرعاية.
وحول التوصيات التي قُدمت للمملكة بشأن عمليات تحالف دعم الشرعية في اليمن، أشار رئيس الوفد إلى أن تحالف دعم الشرعية ملتزمٌ بقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان وفق ما تم إيضاحه في التقرير، مع التأكيد على أن المملكة ملتزمة بالوقوف مع الشعب اليمني الشقيق وحكومته الشرعية وتقديم المساعدات الإنسانية التي بلغ مجموعها حتى يناير 2019م أكثر من “13” مليار دولار أمريكي وما قدمته من تبرع في مؤتمر المانحين الذي عقد في 26 فبراير الماضي بلغ خمسة ملايين دولار أمريكي.
ولفت إلى أن جميع التوصيات الواردة ضمن هذا الموضوع حظيت بالتأييد، عدا توصية واحدة لخروجها عن نطاق آلية الاستعراض الدوري الشامل، فضلاً عن اشتمالها على ما يتعارض مع المرجعيات الثلاث التي يقوم عليها الحل السياسي بالنسبة للوضع في اليمن، وهي “المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216”.
وحول عقوبة الإعدام والعقوبات البدنية، ذكر أن المملكة تعيد تأكيدها على موقفها الذي عبّرت عنه في تقريرها الوطني بشأن عقوبة القتل والعقوبات البدنية، مع الإشارة إلى أن نظام الأحداث تضمن في المادة (15) أنه إذا كانت الجريمة التي ارتكبها الحدث مما يعاقب عليها بالقتل فيكتفى بإيداعه في الدار مدة لا تتجاوز (10) سنوات، وبناءً عليه فقد حظيت توصية واحدة في هذا الموضوع بالتأييد، وحظيت (13) توصية بالتأييد الجزئي. كما قُدمت للمملكة عدة توصيات متعلقة بمكافحة الإتجار بالأشخاص حظيت جميعها بالتأييد.
وتطرق رئيس وفد المملكة إلى حرية التعبير وتكوين الجمعيات والممارسات السلمية المشروعة، مؤكداً أنها مكفولة بموجب أنظمة المملكة وفق ما تم إيضاحه في التقرير، وقد حظيت التوصيات الواردة في هذا الشـأن بالتأييد ماعدا ست توصيات حظيت بالتأييد الجزئي، في حين لم تحظ توصيتان بالتأييد، ويرجع عدم التأييد إما لخروج التوصية عن نطاق الاستعراض، أو اشتمالها على ادعاءات غير صحيحة. وحول موضوع الحق في العمل وحقوق العمال فقد حُظيت جميع التوصيات بالتأييد.
وشدد العيبان، على أن المملكة مستمرة في تعاونها مع الهيئات والآليات التابعة للأمم المتحدة بما يسهم في تحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها، مع التأكيد على أن العمل مع الإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان ينبغي أن ينسجم مع الطابع التعاوني لهذه الآلية، وبالتالي فإن التوصيات المتضمنة تحديد مواعيد لزيارات المقررين تخرج عن هذا السياق.
وقال: حظيت التوصيات الواردة ضمن موضوع التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان بالتأييد، باستثناء ثلاث توصيات حظيت بالتأييد الجزئي، في حين لم تحظ توصية واحدة بالتأييد.