المشروعات الكبرى وصناعة المستقبل
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
من خلال استعراض المشروعات التي دشنها الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال جولته في منطقتي القصيم وحائل أو التي دشنها قبل ذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نجد أن القاسم المشترك في تلك المشروعات أنها ذات حجم كبير ونوعية تقنية عالية ومختلفة، وهذا ما تحتاج إليه بلادنا لصناعة المستقبل الذي بشر به ولي العهد حينما قال إن السعودية ستكون مختلفة خلال السنوات الخمس المقبلة.. ومن هنا، يمكن القول إن التوجه في جميع القطاعات يجب أن يكون للمشروعات الاستراتيجية، ففي قطاع الصحة – مثلا – لم نشاهد مجمعات طبية جديدة على غرار مدينة الملك سعود الطبية “الشميسي سابقا” لا من حيث المساحة أو الأقسام والتخصصات، فقد سبق هذا الصرح الطبي زمانه حينما افتتح عام 1376هـ، أي منذ أكثر من 60 عاما وما زال حتى الآن يتحمل الجزء الأكبر من تقديم الخدمات الطبية في مدينة يزيد عدد سكانها على سبعة ملايين نسمة.. ومثال آخر خارج اختصاص وزارة الصحة، وهي مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية، التي تعد مفخرة في مجال تأهيل مرضى إصابات الحبل الشوكي والدماغ، وقد خففت من الحاجة إلى إرسال المرضى للعلاج في الخارج ووفرت الأطراف الصناعية للمحتاجين إليها.. والمؤمل أن نرى مشروعات مماثلة في مناطق بلادنا التي يقدم أبناؤها إلى الرياض لمراجعة هذه المدينة ويتحملون المشاق، ولتكن تلك المشروعات مشاركة بين الدولة والقطاع الخاص ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية.. ويحتاج التعليم أيضا إلى مشروعات نوعية تقوم على ربط جامعاتنا التي تعمل بشكل تقليدي جدا من حيث التخصصات والمخرجات والبحث العلمي مع جامعات عالمية مشهود لها بالتطور والتفوق في هذه المجالات، كما أن مدارس التعليم العام والأهلية منها على وجه الخصوص تحتاج إلى أن تكون مميزة، خاصة في رعاية الموهوبين وما أكثرهم بين شبابنا. وهنا نحتاج أيضا إلى أن يدخل القطاع الخاص برؤوس أموال قادرة على هذا التطوير وليس على شكل استثمارات فردية تعتمد على زيادة الرسوم كلما شعرت بضائقة مالية. وفي قطاعات المصارف والاتصالات والنقل الجوي، تحتاج بلادنا إلى مشروعات جديدة تكسر احتكار الكيانات القائمة حاليا التي تشبعت لأكثر من 30 عاما ولم تعد مهتمة بتطوير خدماتها وإرضاء عملائها بقدر حرصها على إبقاء مصروفاتها تحت السيطرة حتى لا تتأثر أرباحها العالية. وأخيرا: وضع ولي العهد، حجر الأساس لمشاريع استراتيجية، ومفاعل أبحاث نووي، ومصنع لهياكل الطائرات، كما اطلع على مشروعات الأقمار الصناعية، ومعمل إنتاج الألياف الكربونية، ومشروعات التقنية الحيوية، ومشروعات الطاقة والمياه. وهذه هي نوعية المشروعات التي نحتاج إليها في هذه المرحلة للتحول من بلد مستهلك إلى بلد منتج ومصدر ليس للمواد الخام، إنما لمواد مصنعة تباع بأضعاف قيمتها في الأسواق العالمية المحتاجة إليها.. فاللهم بارك في التوجه الجديد لرسم مستقبل السعودية الجديدة.
علي الشدي
(الاقتصادية)