الإيرانيون .. بين العوز وإرهاب نظامهم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لن تتوقف احتجاجات وانتفاضات الشعب الإيراني ضد النظام الإرهابي في بلاده. وهذه الاحتجاجات تأخذ أشكالا مختلفة كلما اندلعت. بالأمس، خرجت متظاهرة إيرانية تهتف “الموت لخامنئي”، وردد هتافها الآلاف، ولا نعرف حتى الآن ما حل بهذه المواطنة الغاضبة. وفي الاحتجاجات السابقة، أطلق المتظاهرون الإيرانيون كل هتاف يدين ويدعو إلى إسقاط هذا النظام، الذي استهدف شعبه بالخراب والظلم والقهر والإفقار، قبل أن ينقل جرائمه إلى جيرانه. ومظاهرات العاصمة التي شهدها “بازار طهران الكبير”، انطلق المتظاهرون في كل الاتجاهات؛ للتعبير عن كراهيتهم لخامنئي ومؤسسته الإرهابية، والسبب معروف منذ سنوات عديدة، وهو أن الإيرانيين باتوا يعيشون عوزا وقهرا لم يعيشوه في حياتهم، بعد زوال الطبقة الوسطى، وانتشار الفقر، وزيادة أعداد أولئك الذين يعيشون في الكهوف، وتردي الأوضاع الإنسانية بكل أشكالها.
مظاهرات “البازار” أطلقت شعارات جديدة وأخرى متجددة. منها – على سبيل المثال – تلك التي تطالب بالخروج من إسوارة المحتل من قبل نظام خامنئي، وأيضا شعارات تطالب بالتوقف عن التدخل في شؤون البلدان الأخرى، بل إن الغضب الشعبي بلغ حدا أن أطلق متظاهرون شعارات ضد فلسطين، وهذه الأخيرة كانت دائما الحجة الدنيئة لنظام الملالي كله، لمواصلة ما أسماه “المقاومة والممانعة”. والحق أن “فلسطين القضية” كانت “ولا تزال” الأداة الأولى التي تلعب بها أنظمة إرهابية مارقة، وهي نفسها التي نالت منها القضية الفلسطينية الويلات. ولذلك، انكشف منذ سنوات أيضا هذا النظام ومعه الأنظمة المماثلة في المنطقة. فحتى أولئك الذين يؤمنون بما يسمى “ولاية الفقيه”، كشفوا هذه الأكاذيب، من فرط الفضائح التي نالت من النظام الحاكم.
المظاهرات الأخيرة اندلعت احتجاجا على الغلاء، وتراجع فظيع لقيمة العملة الإيرانية. وهذا لا يرتبط بمشكلات اقتصادية في البلاد، بل بالسياسات التخريبية التي يمارسها علي خامنئي، وتتطلب تمويلا ماليا هائلا تم سحبه من قوت الشعب الإيراني. فـ”المرشد” يسرق الشعب من خلال سلسلة من المؤسسات التابعة له مباشرة، وكذلك الأمر بالنسبة لما يسمى “الحرس الثوري”، الذي يسيطر على أكثر من 50 في المائة من اقتصاد البلاد، ناهيك – طبعا – عن مداخيل يجنيها النظام من هذه الجهة أو تلك. المحصلة في النهاية، أن الإيرانيين يتحولون من الفقر إلى ما دونه، ومن العوز إلى ما هو أفظع منه، ومن الظلم إلى القهر. لندع ما يسمى “الإصلاحيين” في الحكم. هؤلاء في الواقع لا وجود لهم، إلا من حيث كونهم مادة إعلامية صارت بائسة منذ زمن.
ماذا فعل النظام الإرهابي في مواجهة المظاهرات السلمية في طهران؟ قام باعتقال الآلاف، وبالطبع، لا أحد يعرف مصيرهم، بصرف النظر عن تصريحات مريضة تتحدث عن إخضاعهم للمحاكمة. في بلد يحكمه نظام فاشي لا قيمة للمحاكمات، ولا وزن للقضاء برمته. فالكلمة الأخيرة لرئيس العصابة الحاكمة علي خامنئي. لن يتوقف الإيرانيون عن الاحتجاج ضد أوضاعهم المتردية، وهم يعرفون أنهم يملكون من الأدوات والثروات ما يضمن لهم عيشا كريما كبقية الشعوب الأخرى. وهذه الثروات تذهب إلى تمويل الإرهاب والخراب، وإنشاء التنظيمات الإجرامية هنا وهناك، ناهيك – طبعا – عن استثمار بعضها في قنوات مشينة ودنيئة، كتجارة المخدرات وغيرها، إلى جانب الحروب العبثية التي تخوضها بلادهم في هذا البلد أو ذاك.
الأوقات تتغير دائما، وما يقوم به النظام الإرهابي الإيراني حاليا، لم يعد مقبولا لشعبه، فضلا عن رفضه من قِبل المجتمع الدولي. والسياسة البلهاء التي كان يمارسها الغرب مع إيران، انتهت أيضا، من خلال توجه جديد قوي يهدف في الدرجة الأولى إلى وقف الآلة الإرهابية لنظام تخصص في الخراب المحلي والإقليمي والعالمي.