قطر والفرصة الأخيرة
منذ 7 سنوات ,5 مارس 2018
منجزات
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لا توجد مؤشرات على قرب حل الأزمة القطرية، حتى فى ظل الأحاديث الأمريكية المتواترة عن أهمية التوصل لحل، وأن هناك تحركات تقودها واشنطن فى هذا الاتجاه، لأن أسباب الأزمة لم تنته، بل ربما تتفاقم يومًا بعد الآخر، فى ظل إصرار قطرى غريب ومريب أيضًا على أن تواصل نهجها العدائى ضد الرباعى العربى «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، والاستقواء بقوى إقليمية تعلم الدوحة قبل غيرها، أن هذه القوى لا تسعى مطلقًا للخير، وإنما هدفها السيطرة، والمقصود هنا إيران تحديدًا، ومن بعدها تركيا.
الأنباء الواردة من واشنطن تشير إلى أن إدارة دونالد ترامب تعمل الآن على بلورة حل للأزمة، وأنها سترسل للمنطقة مبعوثين أمريكيين إلى منطقة الخليج، على أمل عقد القمة الخليجية الأمريكية فى موعدها الذى كان مقررًا سلفًا فى مايو المقبل بمنتجع كامب ديفيد الرئاسى، لأنه إذا استمر الوضع كما هو الآن لن تعقد القمة، لأن الثلاثى الخليجى «السعودية والإمارات والبحرين»، لن يقبلوا بالجلوس على طاولة واحدة مع أمير قطر، الملطخة يداه بدماء الأبرياء فى المنطقة، وينظر الأمريكيون إلى أن زيارة مبعوثيها للمنطقة تمثل الفرصة الأخيرة لحل الأزمة، وإذا فشلا فى مهمتهما ستبقى الأزمة إلى مالا نهاية.
قبل أن يأتى المبعوثان الأمريكيان، كان هناك تصريح من وزير خارجية قطر، محمد بن عبدالرحمن آل ثان، قال فيه إن الحل بيد الوساطة الأمريكية، متجاهلًا تمامًا الدور الذى قامت، ولا تزال، تقوم به الكويت، وأميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وهو ما أعطى انطباعًا بأن الدوحة ستكون منفتحة هذه المرة، أمام المقترحات التى تطرحها واشنطن، رغم أن كل الماضى يؤكد أن الدوحة تدمن المناورة، وإنها أبدًا لن تغير من سياساتها العدائية، إلا بمواصلة سياسة المقاطعة، التى ينفذها الرباعى العربى، والتى تؤتى ثمارها الآن.
ما قاله وزير خارجية تميم، جعل البعض يتحدث عن مشاورات جرت خلف الكواليس بين الدوحة وواشنطن، من أجل تأمين خروج مشرف وآمن لنظام تميم بن حمد من هذه الأزمة، ويكون ذلك بإعطاء تطمينات شفوية للرباعى العربى بالتزام قطر بكل ما من شأنه أن يحفظ أمن واستقرار المنطقة، دون أن يتم ترجمة ذلك كتابة، وهو الأمر الذى ينتبه له الرباعى العربى جيدًا، وربما تجدر هنا الإشارة إلى تغريدة وزير الدولة الإماراتى للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، السبت الماضى، التى أكد فيها مجددًا «أن خروج قطر من أزمتها حلّه خليجى وبوابته الرياض»، مضيفًا أن «تكلفة سياسة قطر الحالية عالية للغاية، وبعيدًا عن التحركات اليائسة والتطبيل المدفوع له، تبقى الخيارات واضحة»، مضيفًا: «كفوا عن الأذى أو تقبلوا العزلة».
ما قاله قرقاش هى رسالة واضحة للوساطة الأمريكية قبل أن يصل مبعوثاها للمنطقة، وحتى تتوقف قطر عن أحلام اليقظة، التى تراود أميرها «الخانع»، وربما إذا ربطنا هذا الوضع مع بيان الرباعى العربى أمام الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف ردًا على أكاذيب وزير خارجية تميم، سيتأكد لنا أن الحل لم ولن يكون قريبًا، لأن الدوحة تماطل وستواصل المماطلة دون أى جديد، فهى تراهن دومًا على عنصر الوقت، وترى أن مشاركتها فى عدد من الفعاليات والاجتماعات الدولية بحضور قادة مصر والخليج كفيل بنسيان الأزمة، كما فعلت حينما شارك أميرها فى القمة الخليجية بالكويت، وتنتظر الموقف من القمة العربية المزمع عقدها فى نهاية مارس الجارى بالرياض، ومن بعدها القمة الخليجية الأمريكية أن حدث توافق على عقدها بأى تمثيل، فهم يسيرون على قاعدة أن الأيام كفيلة بالنسيان، دون إدراك منهم أن ما الجرائم التى اقترفوها لن تنسى أبدًا.
كثيرون، وأنا منهم، يعتبرون أن مهمة مبعوثى واشنطن هى الفرصة الأخيرة لنظام تميم، لكن وفقًا لقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وليس تغليبًا للمنطق القطرى الكاذب، لذلك فإن على الدوحة أن تعيد تدارس الموقف مجددًا، وأن يختار القطريون بين أن يكونوا دولة تؤمن بمبدأ حسن الجوار أو أن يستمروا فى انتهاك القانون الدولى والاتفاقيات والصكوك الدولية والإقليمية ذات الصلة بمحاربة الإرهاب وتمويله وداعميه، مع التأكيد مرة ثانية وثالثة ورابعة أن الاستقواء بأطراف أخرى لن يمثل الحل، وأن الحل يجب أن يكون فى إطار البيت العربى، وأن تكون الوساطة الكويتية هى الأساس والقناة الأمثل لمعالجة أسباب هذه الأزمة السياسية ونتائجها، حتى إن تدخلت واشنطن على الخط.
يوسف أيوب
نقلاً عن (اليوم السابع)