أكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، أن آسيا جزء من عالم يشهد تحولات كبيرة في مجال الطاقة، ومن خلال تتبع تاريخ المحاولات السابقة، ووجود التحديات الكبيرة التي تواجه تطور الطاقة البديلة، فإن هذا التحول سيستغرق وقتاً، وسيكون معقدا.
وأشاد خلال اجتماع الطاولة المستديرة السابع لوزراء الطاقة الآسيويين بمدينة بانكوك في تايلند، بتنامي الدور الذي تلعبه آسيا في السوق العالمية اليوم، موكداً أن القارة تشهد تطوراً اقتصادياً فريداً، وأنها تنجح باستمرار في رفع مستوى المعيشة لسكانها، وأن دورها في نمو الاقتصاد العالمي يتعاظم، مشيراً إلى أنها ستمثل نحو نصف الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050.
وتطرق الفالح، إلى وجود حوالي بليون آسيوي يعيشون بدون كهرباء، وأن عدد سكان هذه القارة سيتزايد بنحو بليون نسمة بحلول عام 2050م مما سيجعل الطلب على الطاقة فيها يتزايد بحدود 60% إلى 70%، والسؤال الذي يفرض نفسه حيال ذلك هو: “ماهية الطاقة التي سنلجأ إليها، وهل ستكون بمتناول من يحتاجونها بتكلفة في حدود قدراتهم؟”.
وقال: “وإذ تبحث آسيا عن الطاقة لتعزيز اقتصادها السريع التنامي، فإن التركيز يجب أن يكون على تحقيق توازن مستديم بين مبادراتها البيئية والاقتصادية”، مؤكدًا أن من غير المتوقع أن تتجه الأسر المنخفضة الدخل في آسيا للحلول الجديدة للتزود بالطاقة ذات التكلفة العالية على حساب توفير الغذاء، وحاجة أطفالهم إلى التعليم الجيد، والخدمات الصحية المطلوبة للعائلة كلها.”
وفي حديثه عن مجال انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون، أشار الفالح، إلى أن ما اتبعته الولايات المتحدة من حلول عملية تراعي وضع السوق فيها جعلها تتفوق على أوروبا بشكل كبير، إذ تشير تقارير إدارة الطاقة الأمريكية إلى الانخفاض المتواصل لهذه الانبعاثات منذ عام2008، ويعود ذلك بشكل رئيسي لاستبدال الفحم بالغاز في توليد الطاقة، مبيناً أن هذا يؤكد بشكل عام الإمكانات العالية للتوجه نحو حلول محلية مناسبة وعملية، وهو الأمر الذي تفضله الأسواق الحرة.
وتحدث عن قضايا الصناعة البترولية قائلاً: ” إن مصادر الطاقة التقليدية، التي تلبي 85 % من حاجة آسيا للطاقة، وتواجه بيئة استثمارية صعبة تبعد ٍالمستثمرون عنها، وذلك نتيجة للسياسات الحكومية غير المواتية، وتزايد وجهة النظر المتشائمة في الأسواق المالية”.
وأشار إلى أنه منذ انحدار الأوضاع في قطاع الزيت، فاتت على القطاع فرصاً لاستقطاب استثمارات تصل إلى نحو ترليون دولار في أعمال كان مخططا القيام بها، منوها بأن ذلك يحدث في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع إلى تلبية زيادة مستقبلية سنوية في الطلب تبلغ من مليون إلى مليون ونصف برميل يومياً، بالإضافة إلى ضرورة تعويض الأثر الناجم عن الانخفاض الطبيعي الذي يحدث في الحقول الناضجة في والذي يبلغ من 2إلى3 مليون برميل سنوياً.
وأبدى الفالح، قلقه حول أمن الطاقة وخاصة في آسيا التي يتزايد فيها الطلب بوتيرة أسرع من وتيرة العالم الصناعي، وحذّر قائلا: ” بدون ارتفاع معدلات الاستثمار بالشكل الذي أشرت إليه فقد يتعرض أمن الطاقة للخطر”، مشيرًا إلى أن ذلك يزيد من أهمية اتباع سبل قليلة المخاطر تكون متطورة وعملية في الوقت نفسه للتحول في مجال الطاقة. ويشمل ذلك بالطبع ضخ استثمارات كبير في تقنيات الطاقة البديلة، التي ستنمو بسرعة أكبر بالرغم من صغر قاعدتها.
وقال إن أسواق الزيت بدأت تتحسن منذ منتصف هذا العام، إذ وصل الطلب على الزيت في منتصف هذا العام إلى 1.6 مليون برميل يومياً بعد أن كان 1.3 مليون برميل يومياً في بدايته، مبينا أن توازن العرض والطلب يستمر في التزايد ومستويات المخزون تستمر في الهبوط، ومعدلات منصات الحفر في أمريكا، التي تعد مؤشرا رئيسا على الإنتاج، أظهرت وتيرة مستقرة، وبقي التزام دول الأوبك والدول المنتجة للزيت خارجها بمستويات الانتاج المتفق عليها ممتازا، مع إرادة قوية نحو الاستمرار في دعم استقرار الأسواق.
ومضى قائلا: ” أنا أتوقع أن وتيرة تحسن الأسواق ستستمر، وأن زملائي الذين سيجتمعون في فيينا بعد أربعة أسابيع سيجددون العزم على تحسين مستوى المخزونات العالمية وصولا لمستوياتها العادية”.
وأنهى الفالح، كلمته قائلاً:” إن آسيا ستبقى في قمة عظمتها، ولكن ذلك يملي المسؤولية أيضا، وللدول الأسيوية دور مهم تلعبه في مواجهة تحديات الطاقة في العالم، وبينما يتزايد الطلب في آسيا على الزيت وتواصل تنامي دور الطاقة المتجددة في المستقبل، فإني أود أن أوكد لجميع الموجودين هنا بأن المملكة العربية السعودية ستظل دائماً موردا موثوقاً في مجال الطاقة وشريكا اقتصاديا فاعلا في هذه المنطقة من العالم، كما كانت دوما “.
وعقدت عدة جلسات وزارية خلال المؤتمر وأقيمت حلقات نقاش تناولت عدة مواضيع منها أسواق النفط، والتحديات في مجال الاستثمار وبناء الموثوقية التي يمليها عالم يعيش تحولات عديدة، كما شملت الجلسات والمناقشات مسالة الغاز الطبيعي: ابتداء بالعوائق التي واجهها في السوق، وفي السياسات التي كانت، ووصولا الى العصر الذهبي للغاز، وكذلك جميع أبعاد كفاءة الطاقة بما في ذلك السياسات المتبعة والوعود التي تقدمها التكنولوجيا والتعاون المشترك.
كما عُقدت مناقشات وزارية أخرى حول ما يحمله الاتفاق الذي تم في باريس والذي مثل إجماعا عالميا على السعي للوصول إلى طاقة منخفضة الكربون من آثار على موثوقية الطاقة، وكذلك الحفاظ على استقرار السوق مع الأخذ في الاعتبار تفاوت الموارد عبر القارة الآسيوية، وناقش أيضا خدمة الأهداف الاجتماعية والاقتصادية في ظل التفاوت الكبير في مدى تطور الاقتصار بين الدول النامية وتلك المتقدمة.
وركز الاجتماع على التحولات التي تمر بها أسواق الطاقة العالمية والمواقف التي تتخذ بهدف جعل الرؤية المشتركة التي تم التوصل إليها واقعًا حيًا يضمن توفر الطاقة الموثوقة الآمنة بتكاليف متاحة للجميع في هذا الجزء من العالم.