يا سكان المدينة البنفسجية
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تحية لكم..
إني أعرفكم جيدًا، أنتم الذين تسبحون في أفق وتسبح فيكم آفاق. أنتم من تعرفون ماذا يعني الاتساع، الرحابة، والتعدد. جمالكم بعيد عن أن يفهمه سكان المدن السوداء أو البيضاء، أؤلئك المقولبون، لا يدركون معنى المترادفات، الأطياف، التفسير والأسئلة. إنكم حين تقتبسون كلامًا، فإنكم وجدتم فيه معنى. لكنهم يصنفونكم حسب ادراكهم ذي البعد الواحد. لأنكم تتجهون للمعاني، وهم يتجهون للتصنيف. ليس مهمًا إن كان القائل هوبكنز، أو حتى هتلر. المعاني الجميلة لا تصنف، هذا ما لا يفهمه هواة التصنيف. ثم إنكم حين تكرهون سياسة بلاد ما، تعرفون كيف تحمون إنسان هذه البلاد من رذاذ الكراهية، تعرفون كيف يقدر الإنسان، بعيدًا عن هويته الدينية وجنسه وتوجهاته.
أما أصحاب النظرة الواحدة، فإنهم حين يكرهون، يقذفون قنابل الكراهية على كل شيء، يحرقون الأخضر واليابس. فوارق كثيرة.. بين سكان المدينة البنفسجية وبقية أحاديي اللون. أنظر مثلا لهم حين يختلفون ويتفقون، لديهم فهمهم الواعي للاختلاف الجزئي والاتفاق الكلي. وأن الاتفاق الكلي ضربٌ من الخيال. يمكن أن أتفق مع شخص ما على تشجيع فريق كروي ما، وقد أختلف معه في الإعجاب بكاتب مقال ما. الأحاديون لا يفهمون هذا التجزيء الجذاب، حين يعرفون أنك مشجع للفريق الخصم، فإنهم يخسفون بك كل المعايير، لأنهم يرون الحياة رقعة بيضاء وأخرى سوداء. لديهم عجز تام عن رؤية الأجزاء. وأنه يمكن لخصمي أن يمتلك حسًا موسيقيا أنيقًا، أو يتفق معي في الشغف بمدينة ما. أي حرمان يعيشونه هؤلا؟ بل أي حدود ضيقة يخنقون أنفسهم بها؟ البشارة الحقيقة، أن سكان المدينة البنفسجية في اضطراد، والوعي الملون هذا يتسع كل يوم.
منذ شهرين تقريبًا أنشأتُ حسابًا في برنامج السناب شات الشهير. هناك أصبحتُ أقرب من شرائح المجتمع، صادفت سكان كل المدن: السوداء والبيضاء والبنفجسية، وسعدتُ كثيرًا أن هناك عددا كبيرا بنفسجيين في تفكيرهم، قابلين للتعدد، مدركين لحس الاختلاف، ومعنى الاتفاق الجزئي. لهؤلاء.. أقدم تحية عالية بقدر أرواحهم: تحية لكم.. طبتم وطاب لكم الأفق الواسع.
(كوثر الأربش – الجزيرة)