تجاهل الاضطرابات النفسية للطفل تجعله أرضية سهلة لغرس الأفكار الهدّامة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
حذر عدد من الأخصائيين النفسيين من عدم انتباه الوالدين لبعض الاضطرابات النفسية التي تظهر علاماتها على أطفالهم في سن صغيرة، داعيًا إياهم إلى معالجتها مبكرًا قبل تفاقمها، لأن معظمها قد يتسبب لا قدر الله في تدهور الحالة النفسية للطفل بشكل ينعكس فعلها سلبيًا على نفسه ثم على الأسرة، والمجتمع.
قال ذلك لـ واس أستاذ علم النفس المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد بن مترك القحطاني، إن بعض الاضطرابات النفسية لدى الأطفال خطيرة وتترك آثاراً جسيمة على نفسيتهم مع الكبر، ويكونوا في مرحلة لاحقة من العمر عرضة للتحرش الجنسي، أو أرضية سهلة لغرس الأفكار الهدّامة والتشجيع على العدوانية أو تقبلهم لأفكار ضالة لاسمح الله إذا ترك لهم الحبل على الغارب في بيئة سلبية لاتبالي بما يحدث.
وأضاف أن الاضطرابات النفسية لدى الأطفال يمكن وصفها بالظاهرة، وذلك بسبب ظروف الأسرة والمشاكل وإهمال تربية الأطفال وعدم توجيههم وإرشادهم، حيث يوجد العديد من الأطفال الذين يعانون من مشاكل نفسية وسلوكية داخل البيوت، والمؤسف أن بعض الأهالي يرفضون علاجهم من باب الحرج أو الخجل من معرفة الأقارب لذلك، مبينًا أن أكثر المشكلات تظهر على الأطفال من سن سنتين إلى أربع سنوات وقد تمتد إلى سن 9 سنوات.
وكشف الدكتور القحطاني عن وجود بعض العلامات التي تشير إلى تعرض الأطفال لمشكلات نفسية وسلوكية تؤثر فيهم مثل: سلس البول، فقد الشهية، شراهة الأكل، قضم الأظافر، مص الأصبع، الأرق النفسي، بجانب بعضها الاضطرابات الذهنية كعدم التركيز على التحصيل الدراسي والتأخر الدراسي الشديد، أو الهروب من المدرسة، أو ارتكاب بعض السلوكيات الخاطئة مثل: الكذب، السرقة، الاعتداء على نظرائه.
وأشار الدكتور محمد القحطاني إلى أن لكل ظاهرة نفسية سبب معين، فسلسل البول، ومص الأصابع يكمن أسبابها في التعنيف والضرب النفسي، والتخويف، والتوتر، والتهديد الذي تعيشه الأسرة مع الطفل، فتظهر الأعراض المرضية المصاحبة للمرض، وبالنسبة للعدوان، والعناد سببه عدم وجود محبة بين الأم، والأب، وممارسة السلوك العدواني مع الطفل ليكتسب الطفل هذا السلوك العدواني، ويكره والديه، والأسرة، والذي يمكن أن يولد لديه السلوكيات العدوانية كالسرقة والكذب والمضاربات.
ولفت النظر إلى أن تجاهل المرض النفسي للطفل يُفاقم الحالة المرضية بسبب خجل الأهل من علاج طفلهم، عادًا مشكلات الأطفال من بنين، وبنات متشابهة أو قريبة بسبب أن مرحلة الطفولة لا يوجد تمايز بينهم فيها، داعيًا في هذا الصدد إلى تحقيق السلامة النفسية للأطفال من خلال ممارسة الوالدين التنشئة الصحيحة للأبناء، والامتناع عن استخدام الأوامر وحب الطفل، وتقبل سلوكه.
ومن جهته أوضح أستاذ التحضر وعلوم الجريمة بجامعة الملك سعود الدكتور محمد بن سليمان الوهيد في حديث مماثل لـ “واس” أن التربية السليمة تُنتج _بعون الله تعالى_ إنساناً قوياً سليم العقل، والنفس، والجسد _بإذن الله_، وخلافها تنتج الإعاقات النفسية، والعاهات العقلية، وتدخل الطفل أنفاق من العذاب، والمعاناة النفسية له ولأسرته ومجتمعة، مُفيدًا بأن التوازن هو قوام التربية الأسرية الصحيحة، فحتى يُعَدّ الشخص لدخول المدرسة يتم غرس قواعد السلوك والمعايشة الاجتماعية والفلسفة الأخلاقية التي تنمو معه بقية حياته.
وأكد على أهمية العناية النفسية، والجسدية، والحماية، والإرشاد السلوكي، والإشباع العاطفي، وكفاءة التربية التي تتمثل في تخريج الإنسان السليم عقلاً وجسماً ونفساً وروحًا، مع إخراج النماذج الخالية من مؤشرات العنف، والميول الإجرامية، والانحراف السلوكي الجنسي، وتعاطي المخدرات، والسرقة، مُشيراً إلى أن الفاشلين تربوياً يجّرون الأسرة لمعاناة عميقة قد تنتهي بتدميرها، فذوي السلوكيات الإرهابية تستحل الدماء والتفجير والقتل حتى لأقرب الناس كالوالدين، والأبناء، والإخوة، والأقارب.
ونبه الوهيد من التدليل الزائد وخلق الأنانية لدى الطفل التي قد تدمر قدراته الشخصية، في حين أن هناك الكثير من الأخطاء التربوية كالضرب، والحرمان، ومقارنة الطفل مع الآخرين، والسخرية من الخِلقة، أو من المكونات البدنية له كالبدانة، أو قصر القامة، أو اللون، أو الصوت، وغيرها من الأساليب، وهي التي تقود الطفل للمهالك، وفقد مكانته في المجتمع بوصفة لبنة سليمة يعوّل عليها الكثير من الآمال في بناء الحاضر، ورسم المستقبل المشرق للأمة.