مرحبًا بعُمان.. جوارٌ تاريخي وحلفٌ واعد
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
«التحالف السياسي والعسكري والإسترايجي؛ لا يعني مطلقًا إلغاء الاستقلال».. هذه الفكرة الهامة، تجلّت في انضمام عُمان إلى تحالف الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب. فقد عُرفت عمان بسياستها الهادئة، الهدوء المتزن ومسك العصا من المنتصف، ورسمت لنفسها طريقًا دبلوماسية مميزة. بدأت شخصيتها بالتشكل منذ تولي السلطان قابوس الحكم عام 1970. ضمنت موقعها على طاولة الخصماء كطرف محايد.. فكسبت ثقة الجميع، بعد سلسلة من الوساطات الدولية التي حققت فيها نجاحًا باهرًا.
هذا ما جعل الرسالة التي تلقاها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- من الوزير المسؤول عن شئون الدفاع في سلطنة عمان، بدر بن سعيد البوسعيدي، تتضمن انضمام السلطنة للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب. هذا ما جعلها مبعثاً للسرور والاحتفاء الذي عبر عنه الكثيرون في الإعلام ومواقع وشبكات التواصل الاجتماعي.. بعد أن أصدرت وزارة الخارجية العُمانية، الخميس، بياناً ذكرت فيه أن سلطنة عمان قررت الانضمام إلى تحالف الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب، وأن انضمام السلطنة يأتي في سياق الفهم المشترك للدول الإسلامية، وعلى وجه الخصوص دور وقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة على أهمية تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المناطق، التي يسودها العنف الإرهابي المسلح».. وقال البيان: «إن سلطنة عُمان سوف تبذل، وكما كانت على الدوام كل الجهود مع الأشقاء والأصدقاء لتوفير بيئة إقليمية يسودها الأمن والسلام في هذه المرحلة التي يتوجب تعاون كل الأطراف لتحقيقها».
هذا الحدث يؤكد ثلاثة جوانب هامة:
الأول: الذكاء الإستراتيجي الفائق للمملكة في إنشاء الشراكات. وقد برزت على وجه الأخص في شخصية وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان.. فقد أكد ومازال موهبة فائقة في القيادة التحويلية، وقدرة على الالتحام مع الآخرين لخدمة الأهداف وتحقيق المصالح.
الثاني: إن الوقت والتفهم، وهما المعياران اللذان ارتكز عليهما موقف مسقط.. ينم عن دراسة وتحرٍّ دقيق، ورؤية نضجت بروية وشمول. ويثبت حكمة السلطان قابوس المتجلية في تاريخه المديد في نشر السلام وبث التصالح.
الثالث: إن سياسة المملكة لا تلزم الحلفاء بالرضوخ وفقدان الفرادة والتبعية، ولا تنتهج تسويق الأوهام والوعود الخادعة لجذب الدول.. بل هي سياسة تستوعب الاختلاف وتحترم الخيارات وتؤكد على استقلال الجميع، في ظل ولاء أول ونهائي للسلام والأهداف العليا. هكذا يتجه الفكر العالمي للشراكات؛ وهنا تتجلى ذكاء القيادة، بأن تحتفظ للجميع بشخصيته المميزة ومساحة وافرة للتحرك بحرية واستقلالية تامة.
ختامًا: سعداء بكِ يا عُمان.. فأنت خير من يمثل محاربة الإرهاب وصناعة السلام.
كوثر الأربش
نقلا عن “الجزيرة”