عام 2017 ربما أفضل
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
هذا أول يوم من العام الجديد، سيكون مثله مثل كل يوم من العام الذي مضى، فيه سيقضي مئات الآلاف، ربما ملايين، من السوريين ليالي الشتاء الحزينة في البرد، بالقليل من الطعام والألحفة. وهناك آخرون، ملايين منهم يبيتون تحت أسقف مؤقتة داخل سوريا، أو في الملاجئ في أنحاء العالم، في أوضاع صعبة ومستقبل مجهول. وحال السوريين هو حال الليبيين وسكان المناطق المضطربة في اليمن والعراق.
مع هذا، ووسط الدموع والدمار واستمرار القتل، نرى بصيص ضوء مع بداية العام، شيئًا من الحل في سوريا، ومشروع حل في اليمن، وكذلك نسمع دعوة للمصالحة في ليبيا، وربما يختتم اقتحام مدينة الموصل العراقية المحتلة، الذي طال انتظاره، بالقضاء على «داعش»، بعد عامين من الخوف والفوضى والإرهاب.
بصيص أمل أم سراب خادع؟ لا ندري، فالإشارات إيجابية، والوعود مشجعة، وما علينا سوى أن ننتظر راجين أن يكون عام 2017 خيرا من الأعوام الخمسة الدامية التي سبقته.
لماذا يستحق العام الجديد أن تعلق به كل هذه الأماني؟ لأن الرئيس الأميركي باراك أوباما يغادر البيت الأبيض بعد أن كان عونًا للإيرانيين والروس ونظام دمشق، ولأن نصف الانتصارات الروسية الإيرانية هي في الحقيقة نصف هزائم، ولأن بدايات ترتيبات مفاوضات الحل توحي بأن العام المقبل أفضل من العام المدبر؟ والرغبة في إنهاء النزاعات هي السمة المشتركة في أخبار سوريا واليمن والعراق وليبيا في بداية العام الجديد، ولعل هذا الشعور يكون حقيقيًا، فالصراع أنهك المتقاتلين واكتشف الجميع أن التدمير والتشريد والتخريب لا يحقق انتصارات. ففي سوريا ومنذ أربع سنوات والنظام مع حلفائه لم يمر عليهم يوم واحد دون إلقاء براميل متفجرة واستهداف مدنيين على أمل تفريغ مناطق بأكملها من أهلها في حملة بشعة. وبعد كل حملة التطهير لم يتحقق للنظام الهيمنة الديموغرافية التي ارتكب كل هذه المجازر في سبيل إنجازها؛ حيث لا يزال النظام أقلية وقواته تقلصت كثيرا، وقد تخلى عنه أبناء طائفته، الذين فضلوا الهروب مع بقية السوريين إلى أوروبا وبقية المنافي على السماح لأبنائهم الصغار أن يجروا إلى ساحات المعارك باسم التجنيد الإجباري، كما حدثني أحد الآباء في نيويورك. قال «الكثير من العائلات العلوية أصبحت تهّرب أولادها رافضة أن يقتلوا في سبيل النظام، لم يعد هناك ما يستحق أن يقتل الإنسان من أجله».
والذي يرسل أولاده للموت في سبيل نظام الأسد هم ميليشيات مستأجرة مثل «حزب الله» اللبناني وعصائب الحق العراقي، ويتباهى النظام الإيراني بأنه يقاتل بعدد أقل من الإيرانيين مستخدًما لبنانيين وعراقيين وأفغانيين وباكستانيين.
وفِي اليمن؛ الحرب لم تتوقف سوى بضعة أيام في امتحان فاشل للهدنة قبل شهر، لكن مشروع السلام الذي اقترحه المبعوث الدولي لا يزال الشيء الوحيد الذي يمكن أن يلتقي حوله المتحاربون. والأمل كبير أن يعود إليه الجميع في العام الجديد ومع الإدارة الأميركية الجديدة. خروج أوباما بنهاية فترته الرئاسية الثانية يحمل معه شيئًا من الفرح وشيئًا من القلق. فقد تبنى أوباما سياسة فعل لا شيء حيال الأزمات المتعددة والمتزامنة والخطيرة، حتى أصبحت تشكل أخطارا عابرة للقارات، وبخروجه ربما تتبنى إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب سياسة أكثر التزاما وإصرارا ضد الفوضى. وربما تعيد إيران إلى القمقم الذي أخرجها أوباما منه وتسببت في المآسي الموجعة التي نراها اليوم بما فيها الإرهاب.
في كل الأحوال كان عام 2016 قاسيًا جدًا وعسى العام الجديد يأتي ومعه الانفراجات التي يتطلع إليها ملايين المشردين والمفجوعين واليتامى.
عبدالرحمن الراشد
نقلا عن “الشرق الأوسط”