الرؤية السعودية والتكاثر السكاني
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الانفجار السكاني، من أكبر العوائق التي قد تعطل قطار التنمية، وتخلق سباقًا مرهقًا بين وتيرة التنمية ومتطلبات الزيادة السكانية.
السعودية الآن أطلقت قطارًا جديدًا في مسيرتها، يرتكز على تثوير الهوية الاقتصادية، من خلال إعادة خلق هذه الهوية، بالانطلاق من الاقتصاد الرعوي، وضمانة الدولة للرفاه، إلى إطلاق مارد الاقتصاد الخاص، وتنويع الدخل الوطني، في مفردات طموحة مستقبلية، شرحت «رؤية السعودية 2030» تفاصيلها وبرامجها، وكان التدشين العملي لذلك من خلال الميزانية الأخيرة التي أعلنت قبل أيام.
في خبر دال، أعلنت هيئة الإحصاء السعودية عن وصول عدد سكان منطقة الرياض، فقط، إلى 8 ملايين نسمة. عدد السعوديين منهم بلغ 4.5 مليون نسمة، وعدد المقيمين 3.4 مليون نسمة. علمًا بأن عدد سكان المملكة نفسها وصل إلى 31.742.308 نسمات، بحسب تقديرات عام 2016.
كل هذا يعني أن نسبة التكاثر السكاني السعودي تزيد في وتيرة مقلقة، وحين نقول زيادة السكان، فلا نعني المواطنين فقط، بل حتى المقيمين، أخذًا بالاعتبار تزايد أعداد اللاجئين من عدة دول عربية، وغيرها، للسعودية، جراء الحروب الأهلية، ناهيك عن إغراء سوق العمل السعودي للعمال العرب وغير العرب من شتى دول الأرض، خاصة آسيا. وطبعًا رخص الخدمات العامة وتكاليف المعيشة. ماذا تعني الزيادة السكانية غير المسيطر عليها، على الاقتصاد العام؟
تعني: الضغط الشديد على السلع والخدمات والطاقة والموارد عامة، مثلا، أسرّة المستشفيات ومقاعد الدراسة والوظائف واستهلاك الطرقات بسرعة… إلخ.
لكن متى تصبح الزيادة السكانية مفيدة؟
حين «يترتب على هذه الزيادة مقابل في الإنتاج الحقيقي للدولة. أن يترتب على الزيادة السكانية خفض في معدلات الفقر وزيادة في متوسط الدخل. ألا تؤدي الزيادة السكانية لتراجع نوعية الحياة أو لتراجع في إتاحة الخدمات الأساسية أو إلى تدني جودة هذه الخدمات. وألا تؤدي الزيادة السكانية للإضرار بالبيئة واستنزاف الموارد الطبيعية». (منتصر أبو الحجاج الأقصري. «الأهرام»).
أخيرًا، النقاش «الديني» حول المسألة ليس حاسمًا، هناك من يحرم تحديد الأسرة، وهناك من يبيح للمصلحة، والنقاش موجود بمصادره، لمن يريده. على ذكر الفقه، فمن الطرائف، أن الأئمة الأربعة للمذاهب السنية، لم ينجبوا كثيرًا، أبو حنيفة له حَمّاد فقط. الشافعي له عثمان ومحمد. أحمد بن حنبل له صالح وعبد الله. مالك بن أنس له يحيى.
المشاهد أن الزيادة السكانية، لا تغذّي سوق المهارات والإنتاج بالمزيد، العكس هو الحاصل، لذا يجب مواجهة الأمر بشجاعة. وصنع برامج تشجع على تنظيم الأسرة. حتى يسير القطار السعودي الجديد، دون إعاقة.
مشاري الذايدي
نقلاً عن “الشرق الأوسط”