حلب وبلادة الأمم المتحدة

أصدرت السعودية والإمارات وقطر وتركيا بيانًا يطالب بعقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل إنهاء كارثة حلب، وبخاصة في شرقها. البيان حض مؤسسة الأمم المتحدة على أن «تضطلع بمسؤولياتها المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين، لا سيما في وقت أصبح فيه مجلس الأمن غير قادر على فعل ذلك؛ بسبب عدم وجود إجماع».

وفي آخره استنكر البيان السعودي الإماراتي القطري التركي أن يتم التعامل مع الأزمة السورية «كما لو كان الأمر عاديًا»، موضحًا أن هذه الظروف المروعة تؤكد أن الدعوة لعقد دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة لها ما يبررها. الحق أن عجز المؤسسة الدولية عن القيام بما صنعت أصلاً من أجله المؤسسة بُعيد الحرب العالمية الثانية، وهو تحقيق السلام الدولي وإنهاء الحروب وحماية الشعوب، يشير لمدى العطب والنفاق الذي أصابها. كارثة سوريا الممتدة منذ نحو ست سنوات هي مأساة العالم الحالية. بعدد القتلى الذي قارب النصف مليون. وملايين المهجرين والمشردين واللاجئين والمفقودين. بصور صادمة عن الضحايا الأطفال. النساء. العجزة. وعلى مدار الأسبوع. كارثة تكشف هوان العرب والمسلمين عن حماية أوطانهم. أهلهم. سيادتهم. كرامتهم. حاضرهم ومستقبلهم.

كيف يجوز للروسي. الآتي من أصقاع سيبيريا. وللشيعي الأفغاني الآتي من وديان هراة. وللإيراني المتدفق من قم وهمذان والعراقي الميليشياوي الغازي من أهوار الناصرية، وحارات التطرف في بغداد، وكيف يجوز لإرهابيي حسن نصر الله في لبنان، كل هؤلاء، من دول وعصابات، أن يحتلوا أرض وسماء وبحر سوريا. يقتلون الأطفال والنساء. يقصفون اللاجئين أنفسهم. ولا يفعل مجلس الأمن شيئًا!
إنها فضيحة كبرى. عار دائم. لا يمحى أبدًا. ولا يجوز التعايش مع هذا الحال، و«كأنه لا يعنينا» كما ورد في البيان الرباعي الخليجي التركي.

كل يوم نتابع الجهود الأممية لملاحقة «داعش» و«القاعدة». والإجراءات السريعة. وهذا أمر ممتاز. وجهد طيب مبارك مطلوب، لكن لا نرى التواتر نفسه والحماسة والسرعة والتوافق على وأد الإرهاب الإيراني القبيح في ديار العرب. في حلب المنكوبة. لماذا؟! هل الإنسان السوري والعراقي، في الموصل، رخيص لهذه الدرجة؟!

إن إنهاء الغزو الإيراني لسوريا. وإيقاف التدخل الروسي، أمر من صميم الأمن القومي الخليجي والتركي. بل العربي قاطبة. لو كان بعض العرب يعقلون ويفكرون بعيدًا عن النفسية الكيدية و«الموديل» القديم في نظرية الأمن القومي العربي!

العجيب أن الدوليين والأمميين يندهشون ويستنفرون ويذعرون من ازدهار العمل «الداعشي» في العالم. لكنهم هم أنفسهم يساعدون على توفير البيئة المثالية لتخليق الميكروبات «الداعشية» في مستنقع الغضب والثأر والحقد و«النصرة».

إغاثة حلب. كسر حصارها. إنقاذ أهلها من غيلان بشار ونصر الله وخامنئي وهادي العامري وبوتين. ليست مسألة إنسانية أخلاقية. بل مصلحة أمنية سياسية عليا. عليا جدًا.

مشاري الذايدي

نقلاً عن “الشرق الأوسط”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *