“رسائل غيب” لظبية خميس.. قصائد “ضد القانون” عن تاريخ الذات ووحشة الجغرافيا
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
القاهرة ـ رويترز :
يسهل على قارئ ديوان “رسائل غيب” أن يرصد تأثير الجغرافيا التي تتحرك فيها مؤلفته الشاعرة الإماراتية ظبية خميس وتاريخ كتابة القصائد المتباينة في نبرتها.. بين همس إذا تعلق الأمر بذكرى وصرخة حين تتصادم القصيدة بتقاليد وأعراف لا تعترف بحرية الإنسان الفرد.
وبين مجاز الشعر والإيمان بأن للفن دورا وقضية تراوحت القصائد حتى إن بعضها بدا كأن الشاعرة تعبر به على الصراط لتنجو من فخ المباشرة..
ففي قصيدة “في انتظار الحب” تقول “في حلمي أرحل وراء حبيب-وهو يرحل ورائي-ثم-في تقاطع الطريق-تشع ابتسامتان-من الفجأة. أطوقك بذراعي-وأذوب حنانا بين يديك. تبتسم عيناي-وهما تلمسان ضوء وجهك الذي أنار قلبي.”
ولكن قصيدتها الطويلة “ضد القانون” تتحول إلى ما يشبه بيان احتجاج على ما يحول دون الحرية وتصبح كثير من مقاطع القصيدة كأنها لافتات تلخص أشواق الإنسان إلى العدل وحقوقه الأساسية فتقول.. “ضد القانون: أن تنفرد بعلاقتك بالله دون وساطة الذقون والطوائف والحكام.”
“ضد القانون: أن ترفض تفتيش ضميرك-أو اعتقال جسدك-أو مصادرة عقلك-أو كسر قلمك… ضد القانون: أن تعيش بكرامة داخل وطنك-أو خارج وطنك-أو أن تتحدث باسم وطنك-مع من هم من وطنك-أو من خارج وطنك. ضد القانون أشياء كثيرة-لكن المؤكد: أنك لست ضد القانون-بل القانون ضدك”.
وديوان “رسائل غيب” الذي كتبت قصائده بين مصر والإمارات وفرنسا يقع في 166 صفحة متوسطة القطع بغلافه صممته صابرين مهران وأصدرته (دار العين للنشر) في القاهرة.
وحمل الغلاف الخلفي كلمة للشاعرة العمانية فاطمة الشيدي التي اعتبرت ظبية خميس هي “الفارة من تخوم القبيلة إلى حواف الفكرة. إلى منتهى الرفض اللغوي والشعري والثقافي والفكري. هي حالة جديرة بالتأمل أكثر منها بالكتابة. المرأة الذاهبة بكلها باتجاه اللغة والإبداع والثقافة والفكر. التي ضربت بأجنحتها كيمامة لتفر من قيد مسبق الصنع في مجتمعات قطيعية لا تؤمن بالمختلف. مجتمعات عمياء لا ترى من وظائف المرأة إلا الوظائف الجسدية.”
وتقول الشاعرة في سطور من قصيدة (أحرار نحن) وهي إحدى قصائد كتبت في مصر “جئنا للأرض معا-لنزرعها ونحصدها-نعمرها ونبنيها. جئنا بقانون الحب والبقاء-لم نولد عبيدا-ولم تولدوا سادة… منذ قابيل وهابيل-والغراب يعلمنا كيف نهيل التراب-على ضحايانا ونصمت… أنتم لستم أكثر-ونحن لسنا أقل.”
أما القصائد المكتوبة في الإمارات فتميل إلى التفنن في رسم مشاهد لتفاصيل إنسانية صغيرة عن الأهل والأصدقاء والذكريات والبيوت والشجر والقطط والريح والصحراء.. ولكن شيئا ما يفتقد كما في قصيدة (في بلادنا) التي تقول بعض سطورها..
“بين مصر وبيننا-حشود-وكلمات.. غائبة. أتقن عملك-اتبع القانون-ارتد ما تشاء-وتبضع كما تشاء-ثم…..-لا شيء آخر. ليس للعشاق ممشى-ولا للقصيدة طاولة للكتابة.”
وفي قصيدة (أرض سيناء) المكتوبة في صيف 2012 بمنتجع شرم الشيخ الذي كان مقرا شبه دائم للرئيس الأسبق حسني مبارك في نهاية حكمه تقول “هنا حيث فرعون قديم-أغرقه الله-ثم أنجاه ببدنه. كان أيضا فرعون جديد-أهانه الله-وأسقطه-وأنجاه ببدنه” في إشارة إلى خلعه بعد 18 يوما من الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في مطلع 2011 ومحاكمته وسجنه.
وتنتهي القصائد المصرية لتبدأ أخرى أوروبية وأولها قصيدة (نحو أوربا) الموقعة هكذا “السماء” في يوليو 2012 وتبدو كأنها خلاص من عالم بأساطيره وعقده التاريخية..
“أعبر الخرافات-أعبرك-أعبر الأمس-أعبر القارات… ما أقرب الضفتين- ما أبعد التاريخ.”
ولظبية خميس ترجمات ودراسات نقدية إضافة إلى 20 مجموعة شعرية منها (خطوة فوق الأرض) 1981 و(قصائد حب) 1985 و(السلطان يرجم امرأة حبلى بالبحر) 1988 و(انتحار هادئ جدا) 1992 و(جنة الجنرالات) 1993 و(موت العائلة) 1993 و(خمرة حب عادي) 2000 و(حجر الطريق) 2012.